للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والسلام، وحثّ على إكرامهم واحترامهم، لكن لا يبلغون درجة المهاجرين السابقين الذين خرجوا من ديارهم وقطعوا عن أقاربهم وأحيائهم وحرموا أوطانهم وأموالهم، والأنصار وإن اتصفوا بصفة النصرة والإيثار والمحبة والإيواء لكنهم مقيمون في مواطنهم، وحسبك شاهدًا في فضل المهاجرين قوله هذا لأن فيه إشارة إلى جلالة رتبة الهجرة فلا يتركها فهو نبي مهاجري لا أنصاري، وقد سبق مزيد لذلك في فضل الأنصار.

(ولو سلك الناس واديًا وشعبًا) بكسر الشين المعجمة وسكون المهملة طريقًا في الجبل (لسلكت وادي الأنصار وشعبها) والمراد بلدهم (الأنصار شعار) الثوب الذي يلي الجلد (والناس دثار) بكسر الدال وبالمثلثة المفتوحة ما يجعل فوق الشعار أي أنهم بطانته وخاصته وأنهم ألصق به وأقرب إليه من غيرهم وهو تشبيه بليغ (إنكم ستلقون بعدي أثرة) بفتح الهمزة والمثلثة وبضم الهمزة وسكون المثلثة أي يستأثر عليكم بما لكم فيه اشتراك من الاستحقاق (فاصبروا) على ذلك (حتى تلقوني على الحوض) يوم القيامة فيحصل لكم الانتصاف ممن ظلمكم مع الثواب الجزيل على الصبر.

وهذا الحديث أخرجه مسلم في الزكاة.

٤٣٣١ - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ نَاسٌ مِنَ الأَنْصَارِ حِينَ أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مَا أَفَاءَ مِنْ أَمْوَالِ هَوَازِنَ، فَطَفِقَ النَّبِيُّ يُعْطِي رِجَالاً الْمِائَةَ مِنَ الإِبِلِ فَقَالُوا: يَغْفِرُ اللَّهُ لِرَسُولِ اللَّهِ يُعْطِي قُرَيْشًا وَيَتْرُكُنَا، وَسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ، قَالَ أَنَسٌ: فَحُدِّثَ رَسُولُ اللَّهِ بِمَقَالَتِهِمْ فَأَرْسَلَ إِلَى الأَنْصَارِ فَجَمَعَهُمْ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ وَلَمْ يَدْعُ مَعَهُمْ غَيْرَهُمْ فَلَمَّا اجْتَمَعُوا قَامَ النَّبِيُّ فَقَالَ: «مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكُمْ»؟ فَقَالَ فُقَهَاءُ الأَنْصَارِ: أَمَّا رُؤَسَاؤُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلَمْ يَقُولُوا شَيْئًا، وَأَمَّا نَاسٌ مِنَّا حَدِيثَةٌ أَسْنَانُهُمْ فَقَالُوا: يَغْفِرُ اللَّهُ لِرَسُولِ اللَّهِ يُعْطِي قُرَيْشًا وَيَتْرُكُنَا وَسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ : «فَإِنِّي أُعْطِي رِجَالاً حَدِيثِي عَهْدٍ بِكُفْرٍ، أَتَأَلَّفُهُمْ أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالأَمْوَالِ وَتَذْهَبُونَ بِالنَّبِيِّ إِلَى رِحَالِكُمْ؟ فَوَاللَّهِ لَمَا تَنْقَلِبُونَ بِهِ خَيْرٌ مِمَّا يَنْقَلِبُونَ بِهِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ رَضِينَا، فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ : «سَتَجِدُونَ أُثْرَةً شَدِيدَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوُا اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنِّي عَلَى الْحَوْضِ». قَالَ أَنَسٌ: فَلَمْ يَصْبِرُوا.

وبه قال: (حدثني) بالإفراد (عبد الله بن محمد) المسندي قال: (حدّثنا هشام) هو ابن يوسف الصنعاني قال: (أخبرنا معمر) هو ابن راشد (عن الزهري) محمد بن مسلم أنه قال: (أخبرني) بالإفراد ولأبى ذر: حدثني بالإفراد أيضًا (أنس بن مالك قال: قال ناس من الأنصار حين أفاء الله على رسوله ) سقطت التصلية لأبي ذر (ما أفاء به أموال هوازن فطفق النبي يعطي رجالاً المائة من الإبل فقالوا): أي الأنصار (يغفر الله لرسوله ) قالوه توطئة وتمهيدًا لما يرد

<<  <  ج: ص:  >  >>