(قالوا: بلى) قد رضينا، وذكر الواقدي أنه حينئذ دعاهم ليكتب لهم بالبحرين وتكون لهم خاصة بعده دون الناس وهي يومئذ أفضل ما فتح عليه من الأرض فأبوا وقالوا: لا حاجة لنا بالدنيا (قال)﵊: (لو سلك الناس واديًا أو شعبًا لسلكت وادي الأنصار أو شعبهم) وأشار ﵊ بذلك إلى ترجيحهم بحسن الجوار والوفاء بالعهد لا وجوب متابعته إياهم إذ هو ﷺ المتبوع المطاع لا التابع المطيع، فما أكثر تواضعه صلوات الله وسلامه عليه.
وبه قال:(حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا أزهر) بن سعد السمان أبو بكر الباهلي البصري (عن ابن عون) عبد الله أنه قال: (أنبأنا هشام بن زيد بن أنس عن) جده (أنس)﵁ أنه (قال: لما كان يوم حنين التقى) النبي ﷺ و (هوازن ومع النبي ﷺ عشرة آلاف) من المهاجرين (والطلقاء) بضم الطاء وفتح اللام والقاف ممدودًا جمع طليق فعيل بمعنى مفعول وهم الذين منّ عليهم ﷺ يوم فتح مكة فلم يأسرهم ولم يقتلهم منهم: أبو سفيان بن حرب وابنه معاوية وحكيم بن حزام (فأدبروا قال)﵊:
(يا معشر الأنصار قالوا: لبيك يا رسول الله وسعديك) هو من الألفاظ المقرونة بلبيك ومعناه إسعادًا بعد إسعاد أي ساعدتك على طاعتك مساعدة وهما منصوبان على المصدر (لبيك نحن بين يديك) وسقطت لبيك هذه لأبي ذر (فنزل النبي ﷺ) عن بغلته (فقال: أنا عبد الله ورسوله) وزاد أحمد في غير هذا الحديث في قصة حنين فأخذ كفًّا من تراب وقال: شاهت الوجوه (فانهزم المشركون) وأعطى الله تعالى رسوله غنائمهم، وأمر ﵊ بحبسها بالجعرانة، فلما رجع من الطائف وصل إلى الجعرانة في خامس ذي القعدة، وإنا أخر القسمة رجاء أن تسلم هوازن وكانوا ستة آلاف نفس من النساء والأطفال، وكانت الإبل أربعة وعشرين ألفًا والغنم أربعين ألفًا شاة (فأعطى الطلقاء) الذين منّ رسول الله عليهم ﵇ بإعتاقهم لما بقي فيهم من الطمع البشري في محبة المال فأعطاهم لتطمئن قلوبهم وتجتمع على محبته لأن القلوب جبلت على حب من أحسن إليها (والمهاجرين ولم يعط الأنصار شيئًا) منه قيل لأنهم كانوا انهزموا فلم يرجعوا حتى وقعت الهزيمة على الكفار فردّ الله أمر الغنيمة لنبيه ﷺ(فقالوا): أي الأنصار ولم يذكر مقلوهم اختصارًا أي تكلموا في منع العطاء عنهم وفي رواية الزهري عن أنس السابقة