والحكمة في هذا تليين الشعر وترطيبه ليسهل مرور الماء عليه ويكون أبعد من الإسراف في الماء.
وفى المهذب يخلل اللحية أيضًا، وأوجب المالكية والحنفية تخليل شعر المغتسل لقوله ﵊"خللوا الشعر وأنقوا البشرة فإن تحت كل شعرة جنابة"(ثم يصب على رأسه ثلاث غرف) من الماء (بيديه) استدل به على مشروعية التثليث وهو سُنّة عند الشافعية كالوضوء فيغسل رأسه ثلاثًا بعد تخليله في كل مرة ثم شقّه الأيمن ثلاثًا ثم شقه الأيسر ثلاثًا، وقال الباجي من المالكية: والثلاث يحتمل أنها لما جاء من التكرار وإنها مبالغة لإتمام الغسل إذ قد لا تكفي الواحدة، وخصّ الشيخ خليل الثلاث بالرأس، وقوله: غرف جمع غرفة بالضم وهي ملء الكف، وللأصيلي غرفات وهي الأصل في مميز الثلاثة لأنه جمع قلة فغرف حينئذ من إقامة جمع الكثرة موضع القلة أو أنه جمع قلة عند الكوفيين كعشر سور وثماني حجج، (ثم يفيض)﵊ أي يسيل (الماء على جلده كله) أكده بلفظ الكل ليدل على أنه عمّ جميع جسده بالغسل بعدما تقدم، وفيه دلالة على أن الوضوء قبل الغسل سُنّة مستقلة ولا يفهم منه الدلك وهو مستحب عند الشافعية والحنفية والحنابلة، وأوجبه المالكية في المشهور عندهم، وقيل: واجب لا لنفسه، واحتج ابن بطال للوجوب بالإجماع على وجوب إمرار اليد على أعضاء الوضوء عند غسلها، فيجب ذلك في الغسل قياسًا لعدم الفرق بينهما. وأجيب بأن جميع من لم يوجب الدلك أجازوا غمس اليد للمتوضئ من غير إمرار فبطل الإجماع وانتفت الملازمة.
ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين تنيسي وكوفي وفيه التحديث والإخبار والعنعنة وأخرجه مسلم والنسائي وأبو داود.
وبه قال:(حدّثنا محمد بن يوسف) الفريابي لا البيكندي (قال: حدّثنا سفيان) الثوري لا ابن عيينة (عن الأعمش) سليمان بن مهران (عن سالم بن أبي الجعد) بفتح الجيم وسكون العين المهملة (عن كريب) بضم الكاف (عن ابن عباس عن ميمونة زوج النبي ﷺ قالت توضأ رسول الله ﷺ وضوءه للصلاة) هو كالذي قبله احترازًا عن الوضوء اللغوي الذي هو غسل اليدين فقط (غير رجليه) فأخرهما. قال القرطبي: ليحصل الافتتاح والاختتام بأعضاء الوضوء، والأرجح عند الشافعية والمالكية تكميل الوضوء. نعم نقل في الفتح عن مالك: إن كان المكان غير نظيف فالمستحب تأخيرهما، وكذا نقل عن الشافعية أيضًا. وأجاب القائل بالتأخير بأن الاستثناء زائد على حديث عائشة