(أبشروا) بهمزة قطع بالجنة (يا بني تميم فقالوا: أما إذ بشرتنا فأعطنا) من المال (فتغير وجه رسول الله ﷺ فجاء ناس من أهل اليمن) وهم الأشعريون (فقال النبي ﷺ) لهم: (أقبلوا البشرى) يا أهل اليمن (إذ لم يقبلها بنو تميم قالوا: قد قبلنا) ها (يا رسول الله). كذا أورد هذا الحديث هنا مختصرًا. وسبق تامًّا في بدء الخلق ومراده منه هنا قوله: فجاءنا ناس من أهل اليمن.
قال في الفتح: واستشكل بأن قدوم وفد بني تميم كان سنة تسع وقدوم الأشعريين كان قبل ذلك عقب فتح خيبر سنة سبع. وأجيب: باحتمال أن يكون طائفة من الأشعريين قدموا بعد ذلك.
وبه قال:(حدثني) بالإفراد (عبد الله بن محمد) المسند (الجعفي) قال: (حدّثنا وهب بن جرير) بفتح الجيم ابن حازم قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن إسماعيل بن أبي خالد) الأحمسي مولاهم البجلي (عن قيس بن أبي حازم) البجلي (عن أبي مسعود) عقبة بن عمرو البدري الأنصاري ﵁(أن النبي ﷺ قال):
(الإيمان هاهنا وأشار) بالواو ولأبي ذر عن الحموي والمستملي فأشار (بيده إلى) جهة (اليمن) أي أهلها لا من ينسب إليها، ولو كان من غير أهلها، وفيه ردّ على من زعم أن المراد بقوله: الإيمان يمان الأنصار لأنهم يمانيو الأصل، لأن في إشارته إلى اليمن ما يدل على أن المراد به أهلها حينئذٍ لا الذين كان أصلهم منها، وسبب الثناء عليهم بذلك إسراعهم إلى الإيمان وحسن قبولهم له: ولا يلزم من ذلك نفيه عن غيرهم كما لا يخفى (والجفاء) بفتح الجيم والفاء ممدود التباعد وعدم الرقة والرحمة (وغلظ القلوب) بكسر الغين المعجمة وفتح اللام بعدها معجمة (في الفدادين) بالفاء والدالين المهملتين الأولى مشددة جمع فدّاد وهو الشديد الصوت (عند أول أذناب الإبل) عند سوقهم لها ذمهم لاشتغالهم بمعالجة ذلك عن أمور دينهم وذلك مقتض لقساوة القلب على ما لا يخفى (من حيث يطلع قرنا الشيطان) اللعين بالتثنية جانبا رأسه لأنه ينتصب في محاذاة مطلع الشمس، فإذا طلعت كانت بين قرنيه (ربيعة ومضر) بالجر بدلاً من الفدّادين غير منصرفين، هما قبيلتان مشهورتان.
ومرّ الحديث بأواخر بدء الخلق في باب خير مال المسلم غنم.