معذبين حتى نبعث رسولًا﴾ [الإسراء: ١٥] وقد ثبت أنه أوّل الرسل فأجيب: بجواز أن يكون غيره أرسل إليهم في أثناء مدة نوح وبأنهم لم يؤمنوا فدعا على من لم يؤمن من قومه وغيرهم. فأجيب: لكن لم ينقل أنه نبئ في زمن نوح ﵊ غيره، فالله أعلم.
(فيأتونه فيقول) لهم: (لست هناكم) قال عياض: كناية عن أن منزلته دون هذه المنزلة تواضعًا أو أن كلاًّ منهم يشير إلى أنها ليست له بل لغيره (ويذكر سؤاله ربه) المحكي عنه في القرآن بقوله تعالى: ﴿رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق﴾ [هود: ٤٥] أي وعدتني أن تنجي أهلي من الغرق، وسأل أن ينجيه من الغرق وفي نسخة لربه (ما ليس له به علم) حال من الضمير المضاف إليه في سؤاله أي صادرًا عنه بغير علم أو من المضاف أي متلبسًا لغير علم، وربه مفعول سؤاله، وكان يجب عليه أن لا يسأل كما قال تعالى: ﴿فلا تسألني ما ليس لك به علم﴾ [هود: ٤٦] أي ما شعرت من المراد بالأهل وهو: من آمن وعمل صالحًا وأن ابنك عمل غير صالح (فيستحيي) ولغير أبي ذر بياء واحدة وكسر الحاء (فيقول: ائتوا خليل الرحمن) إبراهيم ﵊(فيأتونه فيقول: لست هناكم ائتوا موسى عبدًا كلمه الله وأعطاه التوراة فيأتونه فيقول: لست هناكم ويذكر قتل النفس بغير نفس فيستحيي من ربه) ولغير أبي ذر: فيستحي بياء واحدة وكسر الحاء ولا يقدح ذلك في عصمته لكونه خطأ، وإنما عدّه من عمل الشيطان وسماه ظلمًا واستغفر منه كما في الآية على عادتهم في استعظام محقرات فرطت منهم (فيقول: ائتوا عيسى عبد الله ورسوله وكلمة الله) لأنه وجد بأمره تعالى دون أبي (وروحه) أي ذا روح صدر منه لا بتوسط ما يجري مجرى الأصل والمادة له، وقيل لأنه كان يحيي الأموات والقلوب (فيقول): أي بعد ما يأتونه (لست هناكم ائتوا محمدًا ﷺ) سقطت التصلية لغير أبي ذر (عبدًا)، بالنصب ولأبي ذر عبد (غفر الله له ما تقدم من ذنبه) عن سهو وتأويل (وما تأخر) بالعصمة أو إنه مغفور له غير مؤاخذ بذنب لو وقع (فيأتوني) ولأبي ذر: فيأتونني بنونين وفيه إظهار شرف نبينا ﵊ كما لا يخفى (فأنطلق حتى أستأذن على ربي فيؤذن) بالرفع عطفًا على أنطلق، ولأبي ذر: فيؤذن بالنصب عطفًا على المنصوب في قوله حتى استأذن (فإذا رأيت ربي وقعت ساجدًا فيدعني ما شاء) ولغير أبي ذر ما شاء الله (ثم يقال: ارفع رأسك) وسقط لأبي ذر لفظة رأسك (وسل) بفتح السين من غير ألف وصل (تعطه) بهاء بعد الطاء (وقل يسمع) أي قوله (واشفع تشفع) أي تقبل شفاعتك (فأرفع رأسي) من السجود (فأحمده) تعالى (تحميد يعلمنيه) بضم الميم (ثم أشفع فيحدّ لي) بفتح الياء تعالى (حدًّا) أي يبين لي قومًا أشفع فيهم كان يقول: "شفعتك فيمن أخلّ بالصلاة"(فأدخلهم الجنة ثم أعود إليه) تعالى (فإذا رأيت ربي مثله) أي أفعل مثل ما سبق من السجود ورفع الرأس وغيره (ثم أشفع، فيحدّ لي حدًّا) كأن يقول: شفعتك فيمن زنى أو فيمن شرب الخمر مثلًا (فأدخلهم الجنّة، ثم أعود الثالثة، ثم أعود الرابعة فأقول، ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن) أي حكم بحبسه أبدًا (ووجب عليه الخلود) وهم الكفار (قال أبو عبد الله) البخاري: (إلا من حبسه القرآن يعني قول الله تعالى) أي في الكفار: (﴿خالدين فيها﴾)[آل عمران: ١٥ وغيرها] وسقط لأبي ذر لفظ (إلا من).