وفي هذه الآية دلالة على فضل نبينا ﷺ على سائر الأنبياء لأنه سبحانه أمره بالاقتداء بهداهم، ولا بد من امتثاله لذلك الأمر فوجب أن يجتمع فيه جميع فضائلهم وأخلاقهم المتفرقة، فثبت بهذا أنه ﷺ أفضل الأنبياء وتقديم قوله: ﴿فبهداهم اقتده﴾ يفيد حصر الأمر في هذا الاقتداء وأنه لا هدى غيره، والمراد أصول الدين وهو الذي يستحق أن يسمى الهدى المطلق فإنه لا يقبل النسخ، وكذا في مكارم الأخلاق والصفات الحميدة المشهورة عن كل واحد من هؤلاء الأنبياء ولو أمر بالاقتداء في مشروع تلك الأديان لم يكن دينًا ناسخًا وكان يجب محافظة كتبهم ومراجعتها عند الحاجة وبطلان اللازم بالاتفاق يدل على بطلان الملزوم، وسقط لغير أبي ذر قوله: باب قوله.
وبه قال:(حدّثني) بالتوحيد (إبراهيم بن موسى) الفراء الرازي الصغير قال: (أخبرنا هشام) هو ابن يوسف الصنعاني (أن ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز (أخبرهم قال: أخبرني) بالإفراد (سليمان) بن أبي مسلم (الأحول) المكي قيل اسم أبيه عبد الله (أن مجاهدًا) هو ابن جبر بفتح الجيم وسكون الموحدة المخزومي مولاهم المكي الإمام في التفسير (أخبره أنه سأل ابن عباس)﵄(أفي) سورة (ص سجدة؟ فقال: نعم، ثم تلا ﴿ووهبنا﴾) زاد أبو ذر: ﴿له إسحاق ويعقوب﴾ (- إلى قوله- ﴿فبهداهم اقتده﴾ ثم قال: هو منهم). أبي داود من الأنبياء المذكورين في هذه الآية.
(زاد) على الرواية الماضية (يزيد بن هارون) الواسطي فيما وصله الإسماعيلي (ومحمد بن عبيد) مصغرًا من غير إضافة الطيالسي الكوفي فيما وصله البخاري في سورة ص (وسهل بن يوسف) بسكون الهاء الأنماطي فيما وصله المؤلّف في أحاديث الأنبياء ثلاثتهم (عن العوام) بتشديد الواو ابن حوشب بفتح الحاء المهملة وسكون الواو وفتح المعجمة آخره موحدة (عن مجاهد) المذكور آنفًا أنه قال: (قلت لابن عباس: فقال: نبيكم ﷺ ممن أمر أن يقتدي بهم) أي وقد سجدها داود فسجدها رسول الله ﷺ اقتداء به، واستدلّ بهذا على أن شرع من قبلنا شرع لنا وهي مسألة مشهورة في الأصول.
ويأتي هذا الحديث إن شاء الله تعالى في سورة ص بعون الله تعالى وقوته.