الآيات العظام المؤذنة بتغيير أحوال العالم العلوي، وذلك أن الكفار يسلمون في زمن عيسى، ولو لم ينفع الكفار هيمانهم أيام عيسى لما صار الذين واحدًا فإذا قبض عيسى ﵇ ومن معه من المسلمين رجع أكثرهم إلى الكفر فعند ذلك تطلع الشمس من مغربها (فإذا رآها الناس آمن من عليها) أي من على الأرض (فذاك حين ﴿لا ينفع نفسًا إيمانها﴾ لم تكن آمنت من قبل) أي لا ينفع كافرًا لم يكن آمن قبل طلوعها إيمان بعد الطلوع ولا ينفع مؤمنًا لم يكن عمل صالحًا قبل الطلوع عمل صالح بعد الطلوع، لأن حكم الإيمان والعمل الصالح حينئذٍ حكم من آمن أو عمل عند الغرغرة وذلك لا يفيد شيئًا ما قال تعالى: ﴿فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا﴾ [غافر: ٨٥].
وهذا الحديث أخرجه مسلم في الإيمان وأبو داود في الملاحم والنسائي في الوصايا وابن ماجه في الفتن.
وبه قال:(حدّثني) بالإفراد (إسحاق) هو ابن نصر أبو إبراهيم السعدي كما جزم به خلف أو هو ابن منصور أبو يعقوب المروزي الكوسج كما جزم به أبو مسعود الدمشقي، لكن قال الحافظ ابن حجر: إن الأوّل أقوى قال: (أخبرنا عبد الرزاق) بن همام الصنعاني قال: (أخبرنا معمر) هو ابن راشد (عن همام) هو ابن منبه الصنعاني (عن أبي هريرة ﵁) أنه (قال: قال رسول الله ﷺ):
(لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها) وآية ذلك أن تطول الليلة حتى تكون قدر ليلتين. رواه ابن مردويه من حديث حذيفة مرفوعًا (فإذا طلعت) من مغربها (ورآها الناس آمنوا أجمعون وذلك حين ﴿لا ينفع نفسًا إيمانها﴾ ثم قرأ الآية) ولمسلم عن ابن عمر مرفوعًا: "إن أوّل الآيات خروجًا طلوع الشمس من مغربها" الحديث.
واستشكل بأن طلوع الشمس ليس بأوّل الآيات لأن الدخان والدجال قبله وأجيب: بأن الآيات إما أمارات دالة على قرب قيام الساعة، وإما أمارات دالة على وجود قيام الساعة وحصولها، ومن الأوّل الدخان وخروج الدجال ونحوهما، ومن الثاني طلوع الشمس من مغربها وسمي أوّلًا لأنه مبدأ القسم الثاني.
ويأتي إن شاء الله تعالى نبذة من فرائد الفوائد المتعلقة بهذه المباحث في محالها من هذا الكتاب وبالله المستعان وعليه التكلان.