حديث أبي هريرة عن أبي بكر زيادة إلا ما وقع في رواية شعيب عن الزهري فإن فيها: كان المشركون يوافون بالتجارة فينتفع بها المسلمون فلما حرم الله على المشركين أن يقربوا المسجد الحرام وجد المسلمون في أنفسهم مما قطع عليهم من التجارة فنزلت ﴿وإن خفتم عيلة﴾ [التوبة: ٢٨] الآية ثم أحل في الآية الأخرى الجزية الحديث. وأخرجه الطبراني وابن مردويه مطولاً. وقال في العمدة: ولم يعين الكرماني المقدر، والظاهر أن المقدر هكذا عن ابن شهاب حدثني وأخبرني (حميد بن عبد الرحمن) بن عوف الزهري المدني قال: وتظهر الفائدة فيه على قول من يقول بالفرق بين حدّثنا وأخبرنا كذا قال فليتأمل. (أن أبا هريرة ﵁ قال: بعثني أبو بكر) الصديق ﵁(في تلك الحجة) زاد في الحج من طريق يحيى بن بكير التي أمره عليها رسول الله ﷺ قبل حجة الوداع (في مؤذنين) جمع مؤذن من الإيذان وهو الإعلام (بعثهم يوم النحر) سنة تسع من الهجرة (يؤذنون) أي يعلمون الناس (بمنى أن لا يحج) بفتح الهمزة وتشديد اللام ونصب يحج بأن ولا نافية (بعد العام) المذكور (مشرك) هو منتزع من قوله تعالى: ﴿فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا﴾ [التوبة: ٢٨] والمراد المحرم كله (ولا يطوف بالبيت عريان) بنصب يطوف عطفًا على يحج واحتج به الأئمة الثلاثة على وجوب ستر العورة في الطواف خلافًا لأبي حنيفة حيث جوّز طواف العريان ولأبي ذر لا يحج بالرفع ولا نافية مخففة ويطوف رفع عطفًا على يحج.
(قال حميد بن عبد الرحمن) بالسند السابق (ثم أردف رسول الله ﷺ) أبا بكر (بعلي بن أبي طالب). وعند الإمام أحمد من حديث أنس بن مالك وقال الترمذي حسن غريب أنه ﷺ بعث ببراءة مع أبي بكر، فلما بلغ ذا الحليفة قال:"لا يبلّغها إلا أنا أو رجل من أهل بيتي" فبعث بها مع علي ﵁(وأمره) ولأبي ذر: فأمره (أن يؤذن ببراءة) أي ببعضها وقد نبه في الفتح على أن هذا المقدار من الحديث مرسل لأن حميد لم يدرك ذلك ولا صرح بسماعه له من أبي هريرة.
(قال أبو هريرة)﵁ بالإسناد المذكور قال في الفتح: وكأن حميدًا حمل قصة توجه علي من المدينة إلى أن لحق أبا بكر عن غير أبي هريرة وحمل بقية القصة كلها عن أبي هريرة (فأذن معنا علي)﵁(يوم النحر في أهل منى ببراءة) ولأبي ذر عن الكشميهني. قال أبو بكر بدل قال أبو هريرة. قال الحافظ ابن حجر: وهو غلط فاحش مخالف لرواية الجميع، وإنما هو كلام أبي هريرة قطعًا فهو الذي كان يؤذن بذلك (وأن لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان) وزاد أحمد من رواية محرز بن أبي هريرة عن أبيه: ولا يدخل الجنة إلا مؤمن.
فإن قلت: فما فائدة قوله ولا يدخل الجنة إلا مؤمن؟ أجيب: الإعلام بأن المشرك بعدها لا يقبل منه بعد هذا غير الإيمان لقوله تعالى: ﴿فإذا انسلخ الأشهر المحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم﴾ [التوبة: ٥].