وقيل إنما قصد فرعون بقوله الخلاص أو لأنه كان لمجرد التعليق كما قال: آمنت به بنو إسرائيل فكأنه قال لا أعرفه فكيف يزول كفره بهذا التقليد، وقد روي أن جبريل استفتاه ما قولك في عبد لرجل نشأ في ماله ونعمته وجحد حقه وادعى السيادة دونه، فكتب يقول الوليد بن مصعب جزاء العبد الخارج على سيده الكافر نعماه أن يغرق في البحر فلما ألجمه الغرق ناوله جبريل خطه فعرفه، وسقط لأبي ذر ﴿فأتبعهم﴾ الخ وقال إلى قوله: ﴿وأنا من المسلمين﴾.
(﴿ننجيك﴾)[يونس: ٩٢] بسكون النون وتخفيف الجيم من أنجى وهي قراءة يعقوب وفي نسخة ننجيك بتخفيف الجيم أي (نلقيك على نجوة من الأرض وهو) أي النجوة (النشز) بفتح النون والمعجمة آخره زاي وهو (المكان المرتفع). وقرأ ابن السميقع ننحيك بالحاء المهملة المشدّدة أي نلقيك بناحية مما يلي البحر ليراك بنو إسرائيل. قال كعب: رماه إلى الساحل كأنه ثور.
وروى ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس قال: لما خرج موسى ﵊ وأصحابه قال: من تخلف من قوم فرعون ما غرق فرعون وقومه، ولكنهم في خزائن البحر يتصيدون فأوحى الله تعالى إلى البحر أن الفظ فرعون عريانًا فلفظه عريانًا أصلع أخينس قصيرًا. ومن طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد ﴿ببدنك﴾ قال بجسدك. ومن طريق أبي صخر المدني قال: البدن الدرع الذي كان عليه قيل، وكانت له درع من ذهب يعرف بها وكان في أنفسهم أن فرعون أعظم شأنًا من أن يغرق.
وبه قال:(حدّثني) بالإفراد (محمد بن بشار) بالموحدة والمعجمة المشددة بندار العبدي البصري قال: (حدّثنا غندر) محمد بن جعفر البصري قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن أبي بشر) بكسر الموحدة وسكون المعجمة جعفر بن أبي وحشية واسمه إياس اليشكري البصري (عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما) أنه (قال: قدم النبي ﷺ المدينة) فأقام بها إلى عاشوراء من السنة الثانية (و) إذا (اليهود تصوم عاشوراء) فسألهم (فقالوا: هذا يوم ظهر فيه موسى على فرعون) وفي رواية فقال لهم: ما هذا اليوم الذي تصومونه؟ قالوا: هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وأغرق فيه فرعون وقومه فصامه موسى شكرًا فنحن نصومه (فقال النبي ﷺ لأصحابه: أنتم أحق بموسى منهم فصوموا).
ومطابقته للترجمة في رواية أنجى الله فيه موسى وأغرق فيه فرعون وقومه كما لا يخفى، وسبق حديث الباب في الصيام بنحوه.