قال في اللباب؛ هذا من الكلام المقلوب لأن الضيق صفة والصفة تكون حاصلة في الموصوف ولا يكون الموصوف حاصلًا في الصفة فكأن المعنى ولا يكون الضيق فيك إلا أن الفائدة في قوله: ﴿ولا تك في ضيق﴾ [النحل: ٢٧] هو أن الضيق إذا عظم وقوي صار كالشيء المحيط بالإنسان من كل الجوانب وصار كالقميص المحيط به فكانت الفائدة في ذكر هذا اللفظ هذا المعنى.
(قال ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما في قوله تعالى: (﴿يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ﴾)[النحل: ٤٨] أي (تتهيأ) كذا نقل والصواب تتميل.
وقوله تعالى:(﴿فاسلكي سبل ربك ذللًا﴾)(النحل: ٦٩] قال مجاهد فيما رواه الطبري (لا يتوعر) بالعين المهملة (عليها مكان سلكته) وذللًا جمع ذلول ويجوز أن يكون حالًا من السبل أي ذللها لها الله تعالى كقوله: ﴿جعل لكم الأرض ذلولًا﴾ [الملك: ١٥] وأن يكون حالًا من فاعل اسلكي أي مطيعة منقادة بمعنى أن أهلها ينقلونها من مكان إلى مكان ولها يعسوب إذا وقف وقفت وإذا سار سارت وانتصاب سبل مفعولًا به أي اسلكي في طلب تلك الثمرات سبل ربك الطرق التي أفهمك وعلمك في عمل العسل أو على الظرفية أي فاسلكي ما أكلت في سبل ربك أي في مسالكه التي تحيل فيها قدرته النور ونحوه عسلًا.
(وقال ابن عباس): فيما وصله الطبري (﴿في تقلبهم﴾) أي (اختلافهم) وقال غيره في أسفارهم وقال ابن جريج في إقبالهم وإدبارهم.
(وقال مجاهد): فيما وصله الفريابي (﴿تميد﴾) من قوله: ﴿وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم﴾ [النحل: ١٥] أي (تكفأ) بتشديد الفاء وتتحرك وتميل بما عليها من الحيوان فلا يهنأ لهم عيش بسبب ذلك. قال الحسن: فيما رواه عبد الرزاق لما خلقت الأرض كانت تميد فقالوا ما هذه بمقرة على ظهرها أحدًا فأصبحوا وقد خلقت الجبال فلم تدر الملائكة مم خلقت الجبال.
وفي حديث أنس مرفوعًا عند الترمذي نحوه.
(﴿مفرطون﴾) قال مجاهد: فيما وصله الطبري (منسيون) فيها.
(وقال غيره): أي غير مجاهد في وقوله تعالى: (﴿فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله﴾) زاد أبو ذر: ﴿من الشيطان الرجيم﴾ [النحل: ٩٨]. (هذا مقدم ومؤخر وذلك أن الاستعاذة قبل القراءة).
وهذا قاله أبو عبيدة. وقال ابن عطية: فإذا وصلة بين الكلامين والعرب تستعملها في مثل هذا وتقدير الآية فإذا أخذت في قراءة القرآن فاستعذ.
وقال في الأنوار كالكشاف: أي فإذا أردت قراءة القرآن فأضمر الإرادة. قال الزمخشري:
لأن الفعل يوجد عند القصد والإرادة من غير فاصل وعلى حسبه فكان منه بسبب قوي وملابسة ظاهرة، وهذا مذهب الجمهور من القراء وغيرهم.