للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الكشميهني بثوب أي مغطى كله به، ولمسلم مسجى ثوبًا مستلقيًا على القفا ولعبد بن حميد من طريق أبي العالية فوجده نائمًا في جزيرة من جزائر البحر ملتفًا بكساء (فسلّم عليه موسى فقال الخضر) أي بعد أن كشف وجهه كما في الرواية الآتية هنا إن شاء الله تعالى (وأني) بفتح الهمزة والنون المشدّدة أي وكيف (بأرضك السلام) وفي الرواية الآتية وهل بأرضي من سلام وفيه دلالة على أن أهل تلك الأرض لم يكونوا مسلمين أو كانت تحيتهم غيره (قال أنا موسى) في الآتية قال: من أنت؟ قال: أنا موسى (قال): أي الخضر أنت (موسى بني إسرائيل قال): أي موسى (نعم أتيتك لتعلمني) وفي الرواية الآتية قال: ما شأنك؟ قال: جئت لتعلمني (مما علمت رشدًا) قال أبو البقاء: رشدًا مفعول لتعلمني ولا يجوز أن يكون مفعول علمت لأنه لا عائد إذن على الموصول أي علمًا ذا رشد (قال): أي الخضر لموسى (إنك لن تستطيع معي صبرًا) نفى عنه استطاعة الصبر معه على وجوه من التأكيد وهو علة لمنعه من اتّباعه فإن موسى لما قال هل أتبعك على أن تعلمني كأنه قال: لا لأنك لن تستطيع معي صبرًا وعبّر بالصيغة الدالة على استمرار النفي لما أطلعه الله عليه من أن موسى لا يصبر على ترك الإنكار إذا رأى ما يخالف الشرع لمكان عصمته. قال الخضر : (يا موسى إني على علم من علم الله علمنيه لا تعلمه) جميعه (أنت وأنت على علم من علم الله علمك الله) ولأبي ذر عن الكشميهني علمكه الله (لا أعلمه) جميعه وهذا التقدير أو نحوه واجب لا بدّ منه، وقد غفل بعضهم عن ذلك فقال في مجموع له لطيف في الخصائص النبوية أن من خصائص نبينا أنه جمعت له الشريعة والحقيقة ولم يكن للأنبياء إلا إحداهما بدليل قصة موسى مع الخضر، وقوله: إني على علم لا ينبغي لك أن تعلمه وأنت على علم لا ينبغي لي أن أعلمه وهذا الذي قاله يلزم منه خلوّ أولي العزم عليهم الصلاة والسلام غير نبينا من علم الحقيقة الذي لا ينبغي خلو بعض آحاد الأولياء عنه وإخلاء الخضر من علم الشريعة الذي لا يجوز لآحاد المكلفين الخلوّ عنه، وهذا لا يخفى ما فيه من الخطر العظيم، واحتج لذلك بقوله: إنه أراد الجمع في الحكم والقضاء تمسكًا بحديث السارق في زمنه قال اقتلوه فقيل: إنما سرق فقال اقطعوه إلى أن أتى على قوائمه الأربع ثم سرق في زمن الصديق بفيه فأمر بقتله. قلت: وهو مروي عند الدارقطني من حديث جابر بلفظ: إن النبي أتي بسارق فقطع يده ثم أُتي به ثانيًا فقطع رجله ثم أتي به ثالثًا فقطع يده ثم أتي به رابعًا فقطع رجله ثم أتي به خامسًا فقتله، وفيه محمد بن يزيد بن سبأ، وقال الدارقطني فيما حكاه الحافظ ابن حجر في أمالي الرافعي أنه ضعيف قال: ورواه أبو داود والنسائي بلفظ: جيء بسارق إلى رسول الله فقال: اقتلوه، فقالوا: يا رسول الله إنما سرق قال اقطعوه فقطع ثم جيء به الثانية فقال: اقتلوه، فقالوا: يا رسول الله إنما سرق قال: اقطعوه فذكره كذلك قال: فجيء به الخامسة فقال: اقتلوه. قال جابر: فانطلقنا به إلى مربد النعم فاستلقى على ظهره فقتلناه ثم اجتررناه فألقيناه في بئر ورمينا عليه الحجارة، وفي إسناده مصعب بن ثابت، وقد قال النسائي ليس بالقوي، وهذا الحديث منكر ولا أعلم فيه حديثًا صحيحًا. ورواه النسائي والحاكم عن الحارث بن حاطب

<<  <  ج: ص:  >  >>