لما سأل عاصم عن ذلك ابتلي به في أهل بيته فأتاه ابن عمه تحته ابنة عمه رماها بابن عمه المرأة والزوج والخليل ثلاثتهم بنو عم عاصم. وعند ابن مردويه من مرسل ابن أبي ليلى أن الرجل الذي رمى عويمر امرأته به هو شريك ابن سحماء وهو يشهد لصحة هذه الرواية لأنه ابن عم عويمر لأنه شريك بن عبدة مغيث بن الجد بن العجلان.
وفي مرسل مقاتل بن حيان عند ابن أبي حاتم فقال الزوج لعاصم: يا ابن عم أقسم بالله لقد رأيت شريك ابن سحماء يلي بطنها لأنها لحبلى وما قربتها منذ أربعة أشهر.
وفي حديث عبد الله بن أبي جعفر عند الدارقطني لاعن بين عويمر العجلاني وامرأته فأنكر حملها الذي في بطنها وقال: هو لابن سحماء، وإذا جاء الخبر من طرق متعددة فإن بعضها يعضد بعضًا، وظاهر السياق يقتضي أنه كان تقدّم من عويمر إشارة إلى خصوص ما وقع له مع امرأته، والظاهر أن في هذا السياق اختصارًا ويوضحه ما في حديث ابن عمر في قصة العجلاني بعد قوله: إن تكلم تكلم بأمر عظيم وإن سكت سكت على مثل ذلك فسكت عنه النبي ﷺ، فلما كان بعد ذلك أتاه فقال: إن الذي سألتك عنه قد ابتليت به فدلّ على أنه لم يذكر امرأته إلا بعد أن انصرف ثم عاد.
(فأمرها رسول الله ﷺ بالملاعنة) بضم الميم قال في المغرب لعنه لعنًا ولاعنه ملاعنة ولعانًا وتلاعنوا لعن بعضهم بعضًا وهو لغة الطرد والإبعاد وشرعًا كلمات معلومة جعلت حجة للمضطر إلى قذف من لطخ فراشه وألحق العار به أو إلى نفي ولد قال النووي إنما سمي لعانًا لأن كلاًّ من الزوجين يبعد عن صاحبه (بما سمى الله في كتابه) في هذه الآية بأن يقول الزوج أربع مرات أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميت به هذه من الزنا، والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فيما رماها به من الزنا ويشير إليها في الحضور ويميزها في الغيبة ويأتي بدل ضمائر الغائب بضمائر المتكلم فيقول لعنة الله عليّ إن كنت الخ وإن كان ولد ينفيه ذكره في الكلمات الخمس لينتفي عنه فيقول إن الولد الذي ولدته أو هذا الولد من زنا ليس مني.
(فلاعنها) أي لاعن عويمر زوجته خولة بعد أن قذفها وأتت عند النبي ﷺ وسألها فأنكرت وأصرّا في السنة الأخيرة من زمانه ﷺ، وجزم الطبري وأبو حاتم وابن حبان بأنها في شعبان سنة تسع، وعند الدارقطني من حديث عبد الله بن جعفر أنها كانت منصرف النبي ﷺ من تبوك ورجح بعضهم أنها كانت في شعبان سنة عشر لا سنة تسع. وفي حديث ابن مسعود عند مسلم أنها كانت ليلة جمعة.
(ثم قال) عويمر (يا رسول الله إن حبستها فقد ظلمتها فطلقها) زاد في باب من أجاز طلاق الثلاث من طريق مالك عن ابن شهاب ثلاثًا وتمسك به من قال لا تقع الفرقة بين المتلاعنين إلا بإيقاع الزوج وهو قول عثمان الليثي واحتج بأن الفرقة لم تذكر في القرآن وأن ظاهر الأحاديث أن الزوج هو الذي طلق ابتداء.