فازددت مرضًا على مرضي قالت: فلما رجعت إلى بيتي) وسقط لغير أبي ذر لفظ قالت من قوله قالت فأخبرتني ومن قوله قالت فلما رجعت إلى بيتي أي واستقريت فيه (ودخل عليّ رسول الله ﷺ تعني) أي عائشة (سلم) وسقط تعني سلم لأبي ذر (ثم قال: كيف تيكم؟ فقلت) له ﵊: (أتأذن لي أن آتي أبوي قالت وأنا حينئذٍ أريد أن أستيقن الخبر من قبلهما) من جهتهما (قالت: فأذن لي رسول الله ﷺ فجئت أبوي فقلت لأمي) أم رومان (يا أمتاه) بسكون الهاء (ما يتحدث الناس) أي به ويتحدث بفتح أوّله (قالت: يا بنية هوّني عليك فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة) بالنصب على الحال ولأبي ذر وضيئة بالرفع صفة امرأة واللام في لقل للتأكيد أي حسنة جميلة (عند رجل يحبها ولها ضرائر) وسقطت الواو لأبي ذر (إلا كثّرن) بتشديد المثلثة ولأبي ذر عن الحموي والمستملي إلا أكثرن نساء الزمان (عليها) القول في نقصها فالاستثناء منقطع أو إشارة إلى ما وقع من حمنة بنت جحش أخت أم المؤمنين زينب، فإن الحامل لها على ذلك كون عائشة ضرة أختها فالاستثناء متصل ولم تقصد أم رومان بقولها ولها ضرائر إلا أكثرن عليها قصة عائشة بنفسها وإنما ذكرت شأن الضرائر عائشة وإن لم يصدر منهن شيء فلم يعدم ذلك ممن هو من أتباعهن كحمنة.
(قالت) عائشة: (فقلت سبحان الله) تعجبت من وقوع مثل ذلك في حقها مع تحققها براءتها (ولقد) ولأبي ذر أو لقد (تحدث الناس بهذا قالت: فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ) بالقاف والهمزة أي لا ينقطع (لي دمع ولا أكتحل بنوم حتى أصبحت أبكي) لأن الهموم موجبة للسهر وسيلان الدموع (فدعا رسول الله ﷺ علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد ﵄ حين استلبث الوحي) بالرفع أي طال لبثه أو بالنصب أي استبطأ النبي ﷺ-الوحي (يستأمرهما) أي يستشيرهما (في فراق أهله) تعني نفسها (قالت: فأما أسامة بن زيد فأشار على رسول الله ﷺ بالذي يعلم من براءة أهله) مما يذكر (وبالذي يعلم لهم في نفسه من الود فقال: يا رسول الله) أمسك (أهلك) بالنصب ولأبي ذر أهلك بالرفع أي هم أهلك (وما) ولأبي ذر ولا (نعلم إلا خيرًا.
وأما علي بن أبي طالب فقال: يا رسول الله لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير) بلفظ التذكير على إرادة الجنس وفعيل يستوي فيه المذكر والمؤنث أفرادًا وجميعًا، وقال ذلك لما رأى منه ﵊ من شدة القلق فرأى أن بفراقها يسكن ما عنده بسببها فإذا تحقق براءتها فيراجعها (وإن تسأل الجارية) بريرة (تصدقك) الخبر بالجزم على الجزاء.
(قالت) عائشة (فدعا رسول الله ﷺ بريرة) واستشكل قوله الجارية بريرة بأن قصة الإفك قبل شراء بريرة وعتقها لأنه كان بعد فتح مكة وهو قبله لأن حديث الإفك كان في سنة ست أو أربع وعتق بريرة كان بعد فتح مكة في السنة التاسعة أو العاشرة لأن بريرة لما خيرت واختارت نفسها كان زوجها مغيث يتبعها في سكك المدينة يبكي عليها فقال رسول الله ﷺ للعباس: "يا عباس ألا تعجب من حب مغيث بريرة" والعباس إنما سكن المدينة بعد رجوعهم من الطائف في أواخر سنة ثمان وفي ذلك ردّ على ابن القيم حيث قال تسميتها بريرة وهم من بعض الرواة فإن