لأنه خرج مخرج الغالب لأنهم كانوا يقتلونهم لأجل ذلك (قلت: ثم أيّ؟ قال: أن تزاني) ولغير أبي ذر ثم أن تزاني (بحليلة جارك) بفتح الحاء المهملة وكسر اللام الأولى أي زوجته لأنها تحل له فهي فعيلة بمعنى فاعلة أو من الحلول لأنها تحل معه ويحل معها وإنما كان ذلك لأنه زنا وإبطال لما أوصى الله به من حفظ حقوق الجيران، وقال في التنقيح: تزاني تفاعل وهو يقتضي أن يكون من الجانبين. قال في المصابيح: لعله نبه به على شدة قبح الزنا إذا كان منه لا منها بأن يغشاها نائمة أو مكرهة فإنه إذا كان زناه بها مع المشاركة منها له والطواعية كبيرًا كان زناه بدون ذلك أكبر وأقبح من باب أولى (قال): أي ابن مسعود (ونزلت هذه الآية تصديقًا لقول رسول الله ﷺ: ﴿والذين لا يدعون مع الله إلهًا آخر ولا يقتلون النفس التي حرّم الله إلا بالحق﴾) وزاد أبو ذر ﴿ولا يزنون﴾.
وهذا الحديث سبق في البقرة ويأتي إن شاء الله تعالى في التوحيد والأدب والمحاربين.
وبه قال:(حدّثنا إبراهيم بن موسى) الفراء الرازي الصغير قال: (أخبرنا هشام بن يوسف) الصنعاني أبو عبد الرحمن القاضي (أن ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز (أخبرهم قال: أخبرني) بالإفراد (القاسم بن أبي بزة) بفتح الموحدة وتشديد الزاي واسم أبي بزة نافع بن يسار تابعي صغير مكي وهو والد البزي المقري راوي ابن كثير وليس للقاسم في الجامع إلا هذا الحديث (أنه سأل سعيد بن جبير هل لمن قتل مؤمنًا متعمدًا من توبة؟) زاد في رواية منصور عن سعيد في آخر هذا الباب قال: لا توبة له (فقرأت عليه ﴿ولا يقتلون﴾) ولأبي ذر: والذين يقتلون (﴿النفس التي حرم الله إلا بالحق﴾) واعترض بعضهم على رواية أبي ذر من جهة وقوع التلاوة على غير ما هي عليه. وأجاب في المصابيح: بأن المعنى فقرأت عليه آية: الذين لا يقتلون النفس فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه وحينئذ لم يلزم كونه غير التلاوة لأنه لم يحكها نصًّا بل أشار إليها. (فقال سعيد): يعني ابن جبير للقاسم بن أبي بزة (قرأتها) يعني الآية (على ابن عباس كما قرأتها عليّ فقال: هذه) الآية (مكية نسختها) ولأبي ذر يعني نسختها (آية مدنية) والذي في اليونينية مدينية بتحتيتين بينهما نون مكسورة يعني قوله تعالى: ﴿ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا فجزاؤه جهنم﴾ [النساء: ٩٣](التي في سورة النساء) إذ ليس فيها استثناء التائب وقالوا: نزلت الغلظة بعد اللينة بمدّة يسيرة، وعند ابن مردويه من طريق خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه قال: نزلت سورة النساء بعد صورة الفرقان بستة أشهر، وقول ابن عباس هذا محمول على الزجر والتغليظ، وإلاّ فكل ذنب ممحوّ بالتوبة.