فسين فعين مهملتين بفتح أي ضرب (رجل من المهاجرين) هو جهجاه بن قيس بفتح الجيمين وسكون الهاء الأولى أو ابن سعيد الغفاري وكان أجيرًا لعمر بن الخطاب يقود فرسه بيده أو رجله (رجلًا من الأنصار) هو سنان بن وبرة الجهني حليف لابن أُبيّ ابن سلول على دبره (فقال الأنصاري: يا للأنصار) بفتح اللام للاستغاثة (وقال المهاجري يا للمهاجرين) بفتح اللام للاستغاثة أيضًا، وفي تفسير ابن مردويه أن ملاحاتهما كانت بسبب حوض شربت منه ناقة الأنصاري (فسمع ذاك) ولأبي ذر ذلك باللام (رسول الله ﷺ فقال):
(ما بال) ما شأن (دعوى الجاهلية) ولأبي ذر: الجاهلية يريد يا لفلان ونحوه (قالوا: يا رسول الله كسع رجل من المهاجرين رجلًا من الأنصار فقال)﵊(دعوها) أي اتركوا دعوى الجاهلية (فإنها منتنة) بضم الميم وسكون النون وكسر الفوقية أي كلمة خبيثة قبيحة (فسمع بذلك عبد الله بن أُبيّ) رأس النفاق (فقال: فعلوها) بحذف همزة الاستفهام أي افعلوا الأثرة يريد شركناهم في ما نحن فيه فأرادوا الاستبداد به علينا.
وعند ابن إسحاق فقال عبد الله بن أُبيّ أقد فعلوها نافرونا وكاثرونا في بلادنا ما مثلنا وجلابيب قريش هذه إلاّ كما قال القائل: سمن كلبك يأكلك، ثم أقبل على من عنده من قومه وقال: هذا ما صنعتم بأنفسكم أحللتموهم بلادكم وقاسمتموهم أموالكم أما والله لو كففتم عنهم لتحوّلوا عنكم من بلادكم إلى غيرها.
(أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل فبلغ) ذلك النبي ﷺ فقام عمر رضي الله تعالى عنه (فقال: يا رسول الله دعني أضرب) بالجزم (عنق هذا المنافق) ابن أُبيّ (فقال النبي ﷺ: دعه) اتركه (لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه) أدخله معهم اعتبارًا بظاهر أمره ويتحدّث رفع على الاستثناف والكسر على جواب الأمر، وزاد ابن إسحاق فقال: مر به عبادة بن بشر بن وقش فليقتلنه فقال: لا ولكن أذن بالرحيل فراح في ساعة ما كان يرحل فيها فلقيه أسيد بن حضير فسأله عن ذلك فأخبره فقال: فأنت يا رسول الله الأعز وهو الأذل. قال: وبلغ عبد الله بن عبد الله بن أُبيّ ما كان من أمر أبيه فأتى النبي-ﷺ فقال: بلغني أنك تريد قتل أبي فيما بلغك عنه فإن كنت فاعلًا فمرني به فأنا أحمل إليك رأسه فقال: بل نرفق به ونحسن صحبته.
(وكانت الأنصار أكثر من المهاجرين حين قدموا المدينة ثم إن المهاجرين كثروا بعد) أي بعد هذه القصة لما انضاف إليهم من مسلمة الفتح وغيرهم وهو يؤيد أن القصة لم تكن بتبوك لأن المهاجرين كثروا بها جدًّا.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في الأدب وكذا مسلم وأخرجه الترمذي في التفسير والنسائي في السير والتفسير.
(قال سفيان) بن عيينة (فحفظته) أي الحديث ولأبي ذر تحفظته بفوقية مفتوحة بدل الفاء