زمن العدّة (ما كانت) قبل العدّة، فلو ادّعت في زمن الطلاق أقراء معدودة في مدة معينة في شهر مثلاً معتادة لما ادّعته فإذًا، وإن ادّعت في العدّة ما يخالف ما قبلها لم يقبل، (وبه) أي بما قال عطاء (قال إبراهيم) النخعي فيما وصله عبد الرزاق أيضًا. (وقال عطاء) هو ابن أبي رباح مما وصله الدارمي أيضًا (الحيض يوم إلى خمس عشرة) فاليوم مع ليلته والخمسة عشر أكثره، ولابن عساكر وأبي ذر إلى خمسة عشر. (وقال معتمر) هو ابن سليمان العابد، كان يصلي الليل كله بوضوء العشاء (عن أبيه) سليمان بن طرخان مما وصله الدارمي أيضًا (سألت) ولأبي ذر والأصيلي قال سألت: (ابن سيرين) محمد (عن المرأة ترى الدم بعد قرئها) أي طهرها لا حيضها بقرينة رؤية الدم (بخمسة أيام. قال: النساء أعلم بذلك).
وبالسند قال:(حدّثنا أحمد بن أبي رجاء) بفتح الراء وتخفيف الجميم مع المد عبد الله بن أيوب الهرويّ حنفي النسب، المتوفى سنة اثنتين وثلاثين ومائتين (قال: حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الكوفي (قال: سمعت هشام بن عروة، قال: أخبرني) بالإفراد (أبي) عروة بن الزبير بن العوّام (عن عائشة)﵂.
(أن فاطمة بنت أبي حبيش سألت النبي ﷺ قالت) وفي بعض الأصول فقالت بالفاء التفسيرية: (إني أستحاض) بضم الهمزة (فلا أطهر أفأدع) أي أترك (الصلاة: فقال)﵊: (لا) تدعيها (إن ذلك) بكسر الكاف (عرق) أي دم عرق وهو يسمى العاذل بالذال المعجمة، (ولكن دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها ثم اغتسلي وصلي). ومعنى الاستدراك لا تتركي الصلاة كل الأوقات، لكن اتركيها في مقدار العادة.
ومناسبة الحديث للترجمة في قوله: قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها فيوكل ذلك إلى أمانتها وردّها إلى عادتها، وذلك يختلف باختلاف الأشخاص، وفيه دلالة على أن فاطمة كانت معتادة، واختلف في أقل الحيض وأقل الطهر فقال الشافعي: القرء الطهر وأقله خمسة عشر يومًا وأقل الحيض يوم وليلة، فلا تنقضي عدّتها في أقل من اثنين وثلاثين يومًا ولحظتين بأن تطلق وبقي من الطهر لحظة وتحيض يومًا وليلة، وتطهر خمسة عشرة يومًا ثم ستة عشر كذلك، ولا بدّ من الطعن في الحيضة الثالثة للتحقق، وقال أبو حنيفة: لا يجتمع أقل الطهر وأقل الحيض معًا، فأقل ما تنقضي به العدة عنده ستون يومًا، وعند مالك: لا حدّ لأقل الحيض ولا لأقل الطهر إلا بما بيّنته النساء. ورواة هذا الحديث ما بين هرويّ وكوفي ومدني، وفيه التحديث والإخبار والعنعنة والسماع.