(فمكثت سنة فلم أجد له) أي للسؤال (موضعًا حتى خرجت معه حاجًّا فلما كنا بظهران) بفتح المعجمة وسكون الهاء وبالراء والنون بقعة بين مكة والمدينة غير منصرف حين رجعنا (ذهب عمر لحاجته) كناية عن التبرّز (فقال: أدركني بالوضوء) بفتح الواو أي بالماء (فأدركته بالإداوة) بكسر الهمزة المطهرة (فجعلت أسكب عليه) زاد أبو ذر عن الكشميهني الماء أي للوضوء (ورأيت موضعًا) للسؤال (فقلت: يا أمير المؤمنين مَن المرأتان اللتان تظاهرتا) على رسول الله من أزواجه (قال ابن عباس فما أتممت كلامي حتى قال) عمر: هما (عائشة وحفصة) وساق بقية الحديث واختصره هنا للعلم به من سابقه.
(قوله: ﴿عسى﴾) ولأبي ذر باب بالتنوين في قوله تعالى: عسى (﴿ربه إن طلقكن﴾) النبي ﷺ(﴿أن يبدله أزواجًا خيرًا منكن﴾) خبر عسى وطلقكن شرط معترض بين اسم عسى وخبرها وجوابه محذوف أو متقدم أي إن طلقكن فعسى وعسى من الله واجب ولم يقع التبديل لعدم وقوع الشرط (﴿مسلمات﴾) مقرّات بالإسلام (﴿مؤمنات﴾) مخلصات (﴿قانتات﴾) طائعات (﴿تائبات﴾) من الذنوب (﴿عابدات﴾) متعبدات أو متذللات لأمر الرسول ﵊(﴿سائحات﴾) صائمات أو مهاجرات (﴿ثيبات﴾) جمع ثيب من تزوّجت ثم بانت (﴿وأبكارًا﴾)[التحريم: ٥] أي عذارى وقوله مسلمات الخ إما نعت أو حال أو منصوب على الاختصاص والثيب وزنها فعل من ثاب يثوب رجع لأنها ثابت بعد زوال عذرتها وأصلها ثيوب كسيد وميت أصلهما سيود وميوت فأعل الإعلال المشهور، وقال الزمخشري في كشافه وأخليت الصفات كلها عن العاطف ووسط بين الثيبات والأبكار لأنهما صفتان متنافيتان لا يجتمعن فيهما اجتماعهن في سائر الصفات فلم يكن بدٌّ من الواو. اهـ.
وذهب القاضي الفاضل إلى أن هذه الواو واو الثمانية وتبجح باستخراجها وزيادتها على المواضع الثلاثة الواقعة في القرآن وهي ﴿سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولن خمسة سادسهم كلبهم رجمًا بالغيب ويقولون سبعة ثامنهم كلبهم﴾ [الكهف: ٢٢] وآية الزمر إذ قيل فتحت في آية النار لأن أبوابها سبعة وفتحت في آية الجنة إذ أبوابها ثمانية وقوله: ﴿والناهون عن المنكر﴾ [التوبة: ١١٢] فإنه لوصف الثامن.
قال ابن هشام: والصواب أن هذه الواو وقعت بين صفتين هما تقسيم لمن اشتمل على جميع الصفات السابقة فلا يصح إسقاطها إذ لا تجتمع الثيوبة والبكارة وواو الثمانية عند القائل بها صالحة للسقوط ثم إن أبكارًا صفة تاسعة لا ثامنة إذ أول الصفات خيرًا منكنّ لا مسلمات فإن أجاب: بأن مسلمات وما بعده تفصيل لخيرًا منكنّ، فلهذا لم تعدّ قسمة لها قلنا وكذلك ثيبات وأبكارًا تفصيل للصفات السابقة فلا نعدهما معهن.
وفي معجم الطبراني الكبير عن بريدة قال: وعد الله نبيه ﷺ في هذه الآية أن يزوّجه بالثيب آسية امرأة فرعون وبالبكر مريم بنت عمران وبدأ بالثيب قبل البكر لأن زمن آسية قبل مريم، أو