وبه قال:(حدّثنا محمد بن سلام) السلمي مولاهم البيكندي قال: (أخبرنا أبو معاوية) محمد بن خازم بالخاء والزاي المعجمتين الضرير قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان (عن عمرو بن مرة) الجملي بفتح الجيم والميم (عن سعيد بن جبير عن ابن عباس)﵄(أن النبي ﷺ خرج إلى البطحاء) مسيل وادي مكة (فصعد إلى الجبل) يعني الصفا ورقي عليه (فنادى):
(يا صباحاه. فاجتمعت إليه قريش فقال: أرأيتم) أي أخبروني (إن حدّثتكم أن العدوّ مصبحكم أو ممسيكم أكنتم تصدقوني)؟ ولأبي ذر: تصدقونني (قالوا: نعم. قال: فإني نذير) منذر (لكم بين يدي عذاب شديد) أي قدامه (فقال أبو لهب) عليه اللعنة: (ألهذا جمعتنا)؟ بهمزة الاستفهام الإنكاري (تبًّا لك) أي ألزمك الله تبًّا وزاد في سورة الشعراء سائر اليوم أي بقيته (فأنزل الله ﷿: ﴿تبت يدا أبي لهب﴾ إلى آخرها) أي خسرت جملته وعادة العرب أن تعبر ببعض الشيء عن كله.
(قوله: ﴿سيصلى﴾) ولأبي ذر باب بالتنوين أي في قوله تعالى: سيصلى (﴿نارًا ذات لهب﴾) أبي تلهب وتوقد.
وبه قال:(حدّثنا عمر بن حفص) قال: (حدّثنا أبي) حفص بن غياث قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان قال: (حدّثني) بالإفراد (عمرو بن مرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ﵄) أنه قال: (قال أبو لهب) لعنه الله لما صعد النبي ﷺ على الصفا واجتمعوا إليه وقال: إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد (تبًّا لك ألهذا) جمعتنا؟ فنزلت (﴿تبت يدا أبي لهب﴾) وزاد أبو ذر إلى آخرها قيل وخص اليد لأنه رمى النبي ﷺ بحجر فأدمى عقبه فلذا ذكرها وإن كان المراد جملة بدنه وذكره بكنيته دون اسمه عبد العزى لأنه لما كان من أهل النار ومآله إلى نار ذات لهب وافقت حاله كنيته فكان جديرًا أن يذكر بها.