للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بسورة من مثله﴾ [البقرة: ٢٣]. بخلاف معجزات غيره فإنها وإن لم يكن لها مثل حقيقة يحتمل أن يكون لها صورة.

(وإنما كان الذي أُوتيت) من المعجزات ولأبي ذر: أُوتيته (وحيًا أوحاه الله إليّ) وهو القرآن وليست معجزاته منحصرة في القرآن فالمراد أنه أعظمها وأكثرها فائدة فإنه يشتمل على الدعوة والحجّة وينتفع به إلى يوم القيامة ولذا رتب عليه قوله (فأرجو أن أكون أكثرهم تابعًا) أي أمة (يوم القيامة) إذ باستمرار المعجزة ودوامها يتجدد الإيمان ويتظاهر البرهان، وهذا بخلاف معجزات سائر الرسل فإنها انقرضت بانقراضهم وأما معجزة القرآن فإنها لا تبيد ولا تنقطع وآياته متجددة لا تضمحل وخرقه للعادة في أسلوبه وبلاغته وأخباره بالمغيبات لا تتناهى، فلا يمر عصر من الأعصار إلاّ ويظهر فيه شيء مما أخبر به .

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في الاعتصام ومسلم في الإيمان والنسائي في التفسير وفضائل القرآن.

٤٩٨٢ - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَابَعَ عَلَى رَسُولِهِ قَبْلَ وَفَاتِهِ حَتَّى تَوَفَّاهُ أَكْثَرَ مَا كَانَ الْوَحْيُ، ثُمَّ تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ بَعْدُ.

وبه قال: (حدّثنا عمرو بن محمد) بفتح العين البغدادي الناقد قال: (حدّثنا يعقوب بن إبراهيم) قال: (حدّثنا أبي) إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف (عن صالح بن كيسان) بفتح الكاف (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (أنس بن مالك أن الله تعالى تابع على رسوله الوحي) أي أنزله متتابعًا متواترًا (قبل وفاته) أي قربها (حتى توفاه) أي إلى الزمن الذي وقعت فيه وفاته (أكثر ما كان الوحي) نزولًا عليه من غيره من الأزمنة لأنه في أول البعثة فتر فترة ثم كثر ولم ينزل بمكة من السور الطوال إلاّ القليل ثم كان الزمن الأخير من الحياة النبوية أكثر نزولًا لأن الوفود بعد فتح مكة كثروا وكثر سؤالهم عن الأحكام.

وقد ذكر ابن يونس في تاريخ مصر في ترجمة سعيد بن أبي مريم مما حكاه في الفتح أن سبب تحديث أنس بذلك سؤال الزهري له: هل فتر الوحي عن النبي قبل أن يموت؟ قال: بل أكثر ما كان وأجمه، وسقطت التصلية لأبي ذر، وثبت قوله الوحي من قوله تابع على رسول الله الوحي للكشميهني وسقط لغيره.

(ثم توفي رسول الله بعد) بالضم مبنيًّا لقطع الإضافة عنه أي بعد ذلك.

وهذا الحديث أخرجه مسلم والنسائي في فضائل القرآن.

<<  <  ج: ص:  >  >>