عربيته (فاكتبوه بلسان قريش فإنما نزل) معظمه (بلسانهم) أي بلغتهم (ففعلوا) ذلك كما أمرهم (حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف ردّ عثمان الصحف إلى حفصة) فكانت عندها حتى توفيت فأخذها مروان حين كان أميرًا على المدينة من قبل معاوية فأمر بها فشققت وقال: إنما فعلت هذا لأني خشيت إن طال بالناس زمان أن يرتاب فيها مرتاب. رواه ابن أبي داود وغيره.
(فأرسل) عثمان (إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا) وكانت خمسة على المشهور فأرسل أربعة وأمسك واحدًا. وقال الداني في المقنع: أكثر العلماء أنها أربعة أرسل واحدًا للكوفة وآخر للبصرة وآخر للشام وترك واحدًا عنده، وقال أبو حاتم فيما رواه عنه ابن أبي داود كتب سبعة مصاحف إلى مكة والشام واليمن والبحرين والبصرة والكوفة وحبس بالمدينة واحدًا (وأمر بما سواه) أي سوى المصحف الذي استكتبه والتي نقلت منه وسوى الصحف التي كانت عند حفصة (من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق) بسكون الحاء المهملة وفتح الراء؛ ولأبي ذر عن الحموي والمستملي يحرق بفتح المهملة وتشديد الراء مبالغة في إذهابها وسدًّا لمادة الاختلاف.
وقال في شرح السُّنَّة في هذا الحديث البيان الواضح أن الصحابة ﵃ جمعوا بين الدفّتين القرآن المنزل من غير أن يكونوا زادوا أو نقصوا منه شيئًا باتفاق منهم من غير أن يقدّموا شيئًا أو يؤخّروه بل كتبوه في المصاحف على الترتيب المكتوب في اللوح المحفوظ بتوقيف جبريل ﵇ على ذلك وإعلامه عند نزول كل آية بموضعها وأين تكتب. وقال عبد الرحمن السلمي: كان قراءة أبي بكر وعمر وعثمان وزيد بن ثابت والمهاجرين والأنصار واحدة وهي التي قرأها ﷺ على جبريل مرتين في العام الذي قبض فيه وولاه عثمان كتبة المصاحف. قال السفاقسي: فكان جمع أبي بكر خوف ذهاب شيء من القرآن بذهاب حملته إذ إنه لم يكن مجموعًا في موضع واحد، وجمع عثمان لما أكثر الاختلاف في وجوه قراءته حين قرؤوا بلغاتهم حتى أدّى ذلك إلى تخطئة بعضهم بعضًا فنسخ تلك الصحف في مصحف واحد مقتصرًا من اللغات على لغة قريش إذ هي أرجحها.
(قال ابن شهاب) الزهري بالإسناد السابق (وأخبرني) بالواو والإفراد ولأبي ذر فأخبرني بالفاء والإفراد أيضًا (خارجة بن زيد بن ثابت) أنه (سمع) أباه (زيد بن ثابت قال: فقدت) بفتح القاف (آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف) أي في زمن عثمان لا في زمن أبي بكر لأن الذي فقده في خلافة أبي بكر الآيتان من آخر سورة براءة (قد كنت أسمع رسول الله ﷺ يقرأ بهما فالتمسناها) أي طلبناها (فوجدناها مع خزيمة بن أبي ثابت الأنصاري) بالمثلثة ابن الفاكه بن ثعلبة