الموحدة وتخفيف النون واسم أبيه أسلم أبو محمد البصري (وثمامة) بضم المثلثة ابن عبد الله بن أنس بن مالك الأنصاري البصري) كلاهما (عن أنس) وللأصيلي عن أنس بن مالك ﵁ أنه (قال: مات النبي ﷺ ولم يجمع القرآن) على جميع وجوهه وقراءاته أو لم يجمعه كله تلقيًا من فِيَّ النبي ﷺ بلا واسطة أو لم يجمع ما نسخ منه بعد تلاوته وما لم ينسخ أو مع أحكامه والتفقه فيه أو كتابته وحفظه (غير أربعة أبو الدرداء) عويمر بن مالك وقيل ابن عامر وقيل ابن ثعلبة الخزرجي (ومعاذ بن جبل) السلمي بالفتح (وزيد بن ثابت) النجاري (وأبو زيد) سعد بن عبيد الأوسي والحصر لعله باعتبار ما ذكر قال المازري لا يلزم من قول أنس لم يجمعه غيرهم أن يكون الواقع في نفس الأمر كذلك لأن التقدير أنه لا يعلم أن سواهم جمعه وإلاّ فكيف الإحاطة بذلك مع كثرة الصحابة وتفرّقهم في البلاد وهذا لا يتم إلا إن كان لقي كل واحد منهم على انفراده وأخبره عن نفسه أنه لم يكمل له جمع القرآن في عهده ﷺ وهذا في غاية البعد في العادة اهـ.
وقد وقع في رواية الطبري من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة في أوّل الحديث افتخر الحيان الأوس والخزرج فقال الأوس: منا أربعة مَن اهتز له عرش الرحمن سعد بن معاذ، ومن عدلت شهادته شهادة رجلين خزيمة بن ثابت، ومَن غسلته الملائكة حنظلة بن أبي عامر، ومَن حمته الدبر عاصم بن ثابت. فقال الخزرج: منا أربعة جمعوا القرآن لم يجمعه غيرهم فذكرهم، فلعل مراد أنس بقوله لم يجمع القرآن غيرهم أي من الأوس بقرينة المفاخرة المذكورة لا النفي عن المهاجرين.
وقال ابن كثير: أنا لا أشك أن الصدّيق ﵁ قرأ القرآن وقد نص عليه الأشعري مستدلاًّ بأنه صحّ أنه ﷺ قال: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله وأكثرهم قرآنًا" وتواتر عنه ﷺ أنه قدّمه للإمامة ولم يكن ﷺ يأمر بأمر ثم يخالفه بلا سبب فلولا أن أبا بكر كان متّصفًا بما يقدمه في الإمامة على سائر الصحابة وهو القراءة لما قدّمه فلا يسوغ نفي حفظ القرآن عنه بغير دليل، وقد صح في البخاري أنه بنى مسجدًا بفناء داره فكان يقرأ القرآن أي ما نزل منه إذ ذاك وجمع عليّ القرآن على ترتيب النزول. وقال ابن عمر فيما رواه النسائي بإسناد صحيح جمعت القرآن فقرأت به كل ليلة الحديث.
وعدّ أبو عبيد القراء من الصحابة من المهاجرين الخلفاء الأربعة وطلحة وسعدًا وابن مسعود وحذيفة وسالمًا وأبا هريرة وعبد الله بن السائب والعبادلة، ومن النساء عائشة وحفصة وأم سلمة، ولكن بعض هؤلاء إنما أكمله بعده ﷺ، وعند ابن أبي داود في كتاب الشريعة من المهاجرين أيضًا تميم بن أوس الداري وعقبة بن عامر ومن الأنصار عبادة بن الصامت وأبا حليمة معاذًا ومجمع بن حارثة وفضالة بن عبيد ومسلمة بن مخلد، وممن جمعه أيضًا أبو موسى الأشعري فيما ذكره الداني وعمرو بن العاص وسعد بن عبادة، وبالجملة فيتعذر ضبطهم على ما لا يخفى ولا يتمسك بما في هذه الأحاديث لما ذكرناه وكيف يكون ذلك مع ما ورد من قتل القراء ببئر معونة ويوم اليمامة