يأخذون من خير ما يتكلم به قال وينصره ما روي في شرح السُّنَّة وكان ابن عمر يرى الخوارج شرار خلق الله تعالى وقال إنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين وما ورد في حديث أبي سعيد يدعون إلى كتاب الله وليسوا منه في شيء (يمرقون) يخرجون (من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية) بكسر الميم وتشديد التحتية فعيلة بمعنى مفعولة أي الصيد المرمى يريد أن دخولهم في الإسلام ثم خروجهم منه ولم يتمسكوا منه بشيء كالسهم الذي دخل في الرمية ثم يخرج منها ولم يعلق به شيء منها (لا يجاوز إيمانهم حناجرهم) جمع حنجرة وهي الحلقوم رأس الغلصمة حيث تراه ناتئًا من خارج الحلق أي أن الإيمان لم يرسخ في قلوبهم لأن ما وقف عند الحلقوم فلم يتجاوزه لم يصل إلى القلب وفي حديث حذيفة لا يجاوز تراقيهم ولا تعيه قلوبهم (فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة) ظرف للأجر لا للقتل.
قال الخطابي: أجمع علماء المسلمين على أن الخوارج على ضلالتهم فرقة من فرق المسلمين وأجازوا مناكحتهم وأكل ذبائحهم وقبول شهادتهم، وسئل علي ﵁ عنهم أكفار هم؟ فقال: من الكفر فرّوا. فقيل: منافقون هم؟ فقال: إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلًا، وهؤلاء يذكرون الله بكرةً وأصيلًا. قيل: من هم؟ قال: قوم أصابتهم فتنة فعموا وصموا.
وقال الكرماني، فإن قلت: من أين دل الحديث على الجزء الثاني من الترجمة وهو التأكل بالقرآن؟ قلت: لا شك أن القراءة إذا لم تكن دله فهي للمراياة والتأكل ونحوهما.
وهذا الحديث قد سبق بأتم من هذا في علامات النبوّة بعين هذا الإسناد.
وبه قال:(حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) الإمام الأعظم (عن يحيى بن سعيد) الأنصاري (عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن) بن عوف (عن أبي سعيد الخدري ﵁ أنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول):
(يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم) بكسر القاف (مع صلاتهم وصيامكم مع صيامهم وعملكم مع عملهم) من عطف العام على الخاص (ويقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم) أي لا تفقهه قلوبهم ولا ينتفعون بما تلوه منه أو لا تصعد تلاوتهم في جملة الكلم الطيب إلى الله تعالى