للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا؟ أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي».

وبه قال: (حدّثنا سعيد بن أبي مريم) هو سعيد بن الحكم بن محمد بن أبي مريم الجمحي مولاهم البصري قال: (أخبرنا محمد بن جعفر) أي ابن أبي كثير المدني قال: (أخبرنا) ولأبي الوقت: أخبرني بالإفراد (حميد بن أبي حميد الطويل) اختلف في اسم أبيه على نحو عشرة أقوال (أنه سمع أنس بن مالك يقول: جاء ثلاثة رهط) اسم جمع لا واحد له من لفظه، والثلاثة علي بن أبي طالب، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعثمان بن مظعون كما في مرسل سعيد بن المسيب عند عبد الرزاق (إلى بيوت أزواج النبي يسألون عن عبادة النبي فلما أخبروا) بضم الهمزة وكسر الموحدة مبنيًّا للمفعول بذلك (كأنهم تقالوها)، بتشديد اللام المضمومة عدّوها قليلة (فقالوا: وأين نحن من النبي ؟ قد غفر له) بضم الغين ولابن عساكر وأبوي الوقت وذر عن المستملي قد غفر الله له (ما تقدّم من ذنبه وما تأخر. قال) ولأبوي الوقت وذر فقال (أحدهم: أما) بفتح الهمزة وتشديد الميم للتفضيل (أنا فإني) ولأبي ذر عن المستملي والكشميهني: فأنا (أصلي الليل أبدًا) قيد لليل لا لقوله أصلي (وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر). بالنهار سوى العيدين وأيام التشريق ولذا لم يقيده بالتأبيد (وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدًا. فجاء رسول الله ) زاد الأربعة لفظ إليهم (فقال) لهم:

(أنتم الذين قلتم كذا وكذا. أما) بفتح الهمزة وتخفيف الميم حرف تنبيه (والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له)، قال في الفتح: فيه إشارة إلى ردّ ما بنوا عليه أمرهم من أن المغفور له لا يحتاج إلى مزيد في العبادة بخلاف غيره فأعلمهم أنه مع كونه لا يبالغ في التشديد في العبادة أخشى لله وأتقى من الذين يشدّدون، وإنما كان كذلك لأن المشدّد لا يأمن من الملل بخلاف المقتصد فإنه أمكن لاستمراره وخير العمل ما داوم عليه صاحبه انتهى.

فالنبي وإن أعطي قوى الخلق في العبادات لكن قصده التشريع وتعليم أمته الطريق التي لا يمل بها صاحبها. وقال ابن المنير: إن هؤلاء بنوا على أن الخوف الباعث على العبادة ينحصر في خوف العقوبة فلما علموا أنه مغفور له ظنوا أن لا خوف وحملوا قلة العبادة على ذلك، فردّ عليهم ذلك وبيّن أن لا خوف الإجلال أعظم من الإكثار المحقق الانقطاع لأن الدائم وإن قل أكثر من الكثير إذا انقطع وفيه دليل على صحة مذهب القاضي حيث قال: لو أوجب الله شيئًا لوجب وإن لم يتوعد بعقوبة على تركه وهو مقام الرسول التعبد على الشكر وعلى الإجلال لا على خوف العقوبة فإنه منه في عصمة.

(لكني) استدراك من محذوف دلّ عليه السياق تقريره أنا وأنتم بالنسبة إلى العبودية سواء لكن أنا (أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوّج النساء فمن رغب) أعرض (عن سُنّتي) طريقتي وتركها (فليس مني) إذا كان غير معتقد لها والسُّنَّة مفرد مضاف يعم على الأرجح فيشمل الشهادتين وسائر

<<  <  ج: ص:  >  >>