وبه قال:(حدّثنا عمر بن حفص) قال (حدّثنا أبي) حفص بن غياث قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان (قال حدّثني) بالإفراد (إبراهيم) النخعي (عن علقمة) بن قيس أنه (قال: كنت مع عبد الله) بن مسعود (فلقيه عثمان بمنى فقال) عثمان له: (يا أبا عبد الرحمن) وهي كنية ابن مسعود (إن لي إليك حاجة فخليا)، بالياء وللأصيلي كما في الفتح واليونينية فخلوا بالواو بدل الياء كدعوا وصوّبها ابن التين لأنه واوي يعني من الخلوة أي دخلا في موضع خالٍ (فقال عثمان) له: (هل لك يا أبا عبد الرحمن في أن نزوّجك بكرًا تذكّرك ما كنت تعهد) من نشاطك وقوّة شبابك (فلما رأى عبد الله) بن مسعود (أن ليس له) لنفسه (حاجة إلى هذا) الذي ذكره عثمان من التزويج، ولأبوي ذر والوقت عن الحموي والمستملي: أو ليس له أي لعثمان حاجة إلا هذا بتشديد اللام بدل إلى الجارّة أي الترغيب في النكاح (أشار إليّ فقال: يا علقمة فانتهيت إليه وهو) أي والحال أن ابن مسعود (يقول: أما) بالتخفيف (لئن قلت ذلك لقد قال لنا النبي ﷺ):
(يا معشر الشباب) جمع شاب وهو من بلغ إلى أن يكمل ثلاثين عند الشافعية. وفي الجواهر لابن شاس من المالكية إلى أربعين أي يا طائفة الشباب (من استطاع منكم الباءة) أي الجماع فهو محمول على المعني الأعم بقدرته على مؤن النكاح (فليتزوّج) جواب الشرط وعند النسائي من طريق أبي معشر عن إبراهيم النخعي من كان ذا طول فلينكح (ومن لم يستطع) أي الجماع لعجزه عن مؤنه (فعليه بالصوم). قال أبو عبيد: فعليه بالصوم إغراء لغائب ولا تكاد العرب تغري إلا لشاهد تقول عليك زيدًا ولا تقول عليه زيدًا. وأجيب: بأن الخطاب للحاضرين الذين خاطبهم أولًا بقوله "فمن استطاع منكم" فالهاء في فعليه ليست لغائب بل هي للحاضر المبهم إذ لا يصح خطابه بالكاف وهذا كما يقول الرجل: من قام الآن منكم فله درهم فهذه الهاء لمن قام من الحاضرين لا لغائب (فإنه) أي الصوم (له وِجاء) بكسر الواو وبالجيم ممدودًا. وقيل بفتح الواو مع القصر بوزن عصا أي التعب والجفاء وذلك بعيد إلا أن يراد فيه معنى الفتور لأنه من وجى إذا فتر عن المشي، فشبه الصوم في باب النكاح بالتعب في باب المشي أي قاطع لشهوته، وأصله رض الأُنثيين لتذهب شهوة الجماع، وإطلاق الصوم على الوجاء من مجاز المشابهة لأن الوجاء قطع الفعل وقطع الشهوة إعدام له أيضًا وخص الشباب بالخطاب لأنهم مظنة قوّة الشهوة غالبًا بخلاف الشيوخ وإن كان المعنى معتبرًا إذا وجد السبب في الكهول والشيوخ أيضًا.