المبارك قال:(أخبرنا عاصم) هو ابن سليمان الأحول (عن الشعبي) عامر بن شراحيل أنه (سمع جابرًا) الأنصاري (﵁: قال):
(نهى رسول الله ﷺ أن تنكح المرأة على عمتها أو) على (خالتها) أي أخت الأب وأخت الأم. وهذا حقيقة وفي معناهما أخت الجد ولو من جهة الأم وأخت أبيه وإن علا وأخت الجدة وأمها وإن علت ولو من قبل الأب، والضابط أنه يحرم الجمع بين كل امرأتين بينهما قرابة لو كانت إحداهما ذكرًا لحرمت المناكحة بينهما، والمعنى في ذلك ما فيه من قطيعة الرحم كما مرّ مع المنافسة القوية بين الضرّتين، ولا يحرم الجمع بين المرأة وبنت خالها أو خالتها ولا بين المرأة وبنت عمها أو عمتها لأنه لو قدرت إحداهما ذكرًا لم تحرم الأخرى عليه.
وهذا الحديث مخصص لقوله تعالى: ﴿وأحل لكم ما وراء ذلكم﴾ [النساء: ٢٤].
(وقال داود) بن أبي هند فيما وصله أبو داود والدارمي (وابن عون) عبد الله البصري مما وصله النسائي كلاهما (عن الشعبي عن أبي هريرة) فلفظ رواية الدارمي أن رسول الله ﷺ نهى أن تنكح المرأة على عمتها أو المرأة على خالتها والعمة على بنت أخيها والخالة على بنت أختها لا الصغرى على الكبرى ولا الكبرى على الصغرى وهذا كالبيان والتأكيد لقوله: نهى أن تنكح المرأة على عمتها إلى آخره. ولذلك لم يجيء بينهما بالعاطف والعمة والخالة هي الكبرى وبنت الأخ وبنت الأخت هي الصغرى بحسب المزية والرتبة أو لأنهما أكبر سنًّا منهما غالبًا ولفظ أبي داود لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها ولفظ النسائي لا تزوج المرأة على عمتها ولا على خالتها.
وبه قال:(حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) هو ابن أنس إمام الأئمة (عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز (عن أبي هريرة- ﵁ أن رسول الله ﷺ قال):
(لا يجمع بين المرأة وعمتها) في نكاح واحد ولا يملك اليمين (ولا بين المرأة وخالتها) نكاحًا وملكًا وحيث حرم الجمع، فلو نكحهما معًا بطل نكاحهما إذ ليس تخصيص إحداهما بالبطلان أولى من الأخرى فإن نكحهما مرتبًا بطل نكاح الثانية لأن الجمع بها حصل.