الحاجب في الأمالي: على هذا لو كان المراد لفظ التزويج ولفظ الإنكاح لكان الوجه أن يقال بكلمتي الله إذ لا يطلق المفرد على اثنين إلا فيما إذا كان معلومًا بالعادة كقولهم: أبصرته بعيني وسمعته بأُذني، وأما نحو اشتريته بدرهم والمراد بدرهمين فلا قائل به ولو سلم صحة إطلاق المفرد هنا على الاثنين لامتنّع أيضًا من جهة أنه إذا كان المراد اللفظ فاللفظ الموجود في القرآن إنما هو ﴿أنكحوهن﴾ ونحو: ﴿إذا نكحتم المؤمنات﴾ [الأحزاب: ٤٩] و ﴿زوجناكها﴾ [الأحزاب: ٣٧] وقد علم أنه إذا أخبر عن الكلمة باعتبار أنه إنما يراد صورتها ولفظها مجردة عن معناها أو مع معناها وقد علم أنه لا يقع الإنكاح بهذه الألفاظ على صورتها لا بمجردها ولا بمعناها المراد بها، ولو سلم أن الإنكاح يقع بهما فليس في اللفظ ما يشعر أنه لا استحلال إلا بذلك، ولو سلم أن في اللفظ ما يشعر بالحصر فعندنا ما يأباه وهو أنه قد ذكر لفظ المراجعة معبرًا به عن التزويج. قال الله تعالى: ﴿فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا﴾ [البقرة: ٢٣] والمعنى فإن طلقها الزوج الثاني ثلاثًا فلا جناح على الزوج الأول وعلى الزوجة المطلقة من هذا الثاني أن يتراجعا. فقد عبّر بالمراجعة عن التزوبج أو المراد أن يتناكحا وذلك يأبى الحصر المسلم فيه ظهوره تقديرًا انتهى.
وحديث أنه ﷺ زوّج امرأة فقال:"ملكتكها بما معك من بالقرآن" قيل: إنه وهم من الراوي وبتقدير صحته معارض برواية الجمهور زوجتكها. قال البيهقي: والجماعة أولى بالحفظ من الواحد ويحتمل أنه ﷺ جمع بين اللفظين.
وبه قال:(حدّثنا محمد بن سلام) بتخفيف اللام قال: (حدّثنا ابن فضيل) بضم الفاء محمد قال: (حدّثنا هشام عن أبيه) عروة بن الزبير أنه (قال: كانت خولة) بفتح الخاء المعجمة (بنت حكيم) بفتح المهملة ابن أمية السلمية وكانت امرأة عثمان بن مظعون وكانت من السابقات إلى الإسلام (من اللائي) بالهمزة (وهبن أنفسهن للنبي ﷺ فقالت عائشة): فيه إشعار بأن عروة حمل الحديث عن عائشة فلا يكون مرسلًا (أما) بتخفيف الميم (تستحي المرأة أن تهب نفسها للرجل) زاد محمد بن سيرين: بغير صداق (فلما نزلت: (﴿ترجي﴾) أي تؤخر (﴿من تشاء منهن﴾) وفي رواية عبدة بن سليمان فأنزل الله: ﴿ترجي من تشاء﴾ [الأحزاب: ٥١] وهي أظهر في أن نزول هذه الآية بهذا السبب (قلت: يا رسول الله ما أرى) بفتح الهمزة (ربك إلا يسارع في هواك) أي في رضاك (رواه) أي الحديث المذكور (أبو سعيد) محمد بن مسلم بن أبي الوضاح (المؤدب) وكان مؤدب موسى الهادي فيما وصله ابن مردوبه في تفسيره من طريق منصور بن أبي مزاحم عنه