جئت إلى السماء الدنيا) وبينها وبين الأرض خمسمائة عام كما بين كل سماءين إلى السابعة وسقط لفظ الدنيا عند الأربعة. (قال جبريل لخازن السماء) الدنيا: (افتح) أي بابها، أو في رواية شريك عند المؤلّف فضرب بابًا من أبوابها. (قال) الخازن: (مَن هذا) الذي يقرع الباب، (قال: جبريل) ولغير أبي ذر قال: هذا جبريل لم يقال أنا للنهي عنه (قال: هل معك أحد؟ قال: نعم معي محمد ﷺ، فقال: أرسل إليه) للعروج به وليس السؤال عن أصل رسالته لاشتهارها في الملكوت، ولأبي ذر أأرسل إليه بهمزتين الأولى للاستفهام وهي مفتوحة والأخرى للتعدية وهي مضمومة، وللكشميهني كما في الفتح أو أرسل بواو مفتوحة بين الهمزتين، وفي رواية شريك قال أو قد بعث إليه (قال) جبريل: (نعم) أرسل إليه (فلما فتح) الخازن (علونا السماء الدنيا) ضمير الجمع فيه يدلّ على أنه كان معهما ملائكة آخرون ولعله كان كلما عديا سماء تشيعهما الملائكة حتى يصلا إلى سماء أخرى والدنيا صفة السماء في موضع نصب، (فإذا) بالفاء وللأصيلي وابن عساكر إذا (رجل قاعد على يمينه أسودة) أشخاص جمع سواد كأزمنة جمع زمان (وعلى يساره أسودة إذا نظر قبل) بكسر القاف وفتح الموحدة أي جهة (يمينه ضحك وإذا نظر قبل) أي جهة (يساره بكى) وللأربعة شماله، (فقال) أي الرجل القاعد: (مرحبًا بالنبي الصالح والابن الصالح) أي أصبت رحبًا لا ضيقًا وهي كلمة تُقال عند تأنيس القادم ولم يقل أحد مرحبًا بالنبي الصادق لأن الصلاح شامل لسائر الخصال المحمودة الممدوحة من الصدق وغيره، فقد جمع بين صلاح الأنبياء كأنه قال: مرحبًا بالنبي التامّ في نبوّته والابن البارّ في نبوّته. (قلت لجبريل)﵇: (مَن هذا؟ قال: هذا آدم)﵇(وهذه الأسودة) التي (عن يمينه وشماله نسم بنيه) بفتح النون والسين المهملة جمع نسمة وهي نفس الروح أي أرواح بنيه، (فأهل اليمين منهم أهل الجنة والأسودة التي عن شماله أهل النار). يحتمل أن النار كانت في جهة شماله ويكشف له عنها حتى ينظر إليهم لا أنها في السماء لأن أرواحهم في سجين الأرض السابعة، كما أن الجنة فوق السماء السابعة في جهة يمينه كذلك، (فإذا نظر عن يمينه قبل شماله بكى. حتى عرج بي) جبريل ولابن عساكر به (إلى السماء الثانية فقال لخازنها: افتح. فقال له خازنها مثل ما قال الأول ففتح).
(قال) وفي رواية فقال (أنس)(فذكر) أبو ذر (أنه) أي النبي ﷺ(وجد في السماوات آدم وإدريس وموسى وعيسى وإبراهيم صلوات الله عليهم ولم يثبت) من الاثبات (كيف منازلهم) أي لم يعين أبو ذر لكل نبي سماء (غير أنه ذر أنه وجد آدم في السماء الدنيا وإبراهيم في السماء السادسة) نعم في حديث أنس عن مالك بن صعصعة عند الشيخين أنه وجد آدم في السماء الدنيا كما مرّ وفي الثانية يحيى وعيسى، وفي الثالثة يوسف، وفي الرابعة إدريس، وفي الخامسة هارون، وفي السادسة موسى، وفي السابعة إبراهيم وفيه بحث يأتي في بابه إن شاء الله تعالى. (قال أنس): ظاهره أن أنسًا لم يسمع من أبي ذر هذه القطعة الآتية وهي (فلما مرّ جبريل بالنبي ﷺ) أي مصاحبًا بالنبي (بإدريس)﵇ يتعلق الجار والمجرور في الموضعين بمرّ إلا أن الباء الأولى للمصاحبة كما مرّ والثانية