(قال النبى ﷺ: ففرض الله) زاد الأصيلي ﷿(على أمتي خمسين صلاة) أي في كل يوم وليلة كما عند مسلم من حديث ثابت عن أنس، لكن بلفظ ففرض الله عليّ، وذكر الفرض عليه يستلزم الفرض على أمته وبالعكس إلاّ ما يستثنى من خصائصه، (فرجعت بذلك حتى مررت على موسى)﵊(فقال: ما فرض الله لك على أمتك؟ قلت: فرض خمسين صلاة، قال) موسى: (فارجع إلى ربك) أي إلى الموضع الذي ناجيته فيه (فإن أمتك لا تطيق ذلك) سقطت لفظة ذلك في رواية أبي ذر والأصيلي وابن عساكر (فراجعني) وللأربعة وعزاها في الفتح للكشميهني فراجعت والمعنى واحد (فوضع) أي ربي (شطرها) وفي رواية مالك بن صعصعة فوضع عني عشرًا وفي رواية ثابت فحط عني خمسًا وزاد فيها أن التخفيف كان خمسًا خمسًا، قال الحافظ ابن حجر: وهي زيادة معتمدة يتعيّن حمل ما في الروايات عليها، (فرجعت إلى موسى قلت) وللأصيلي فقلت: (وضع شطرها: فقال) ولأبي ذر والوقت قال: (راجع ربك) وفي رواية راجع إلى ربك (فإن أمتك لا تطيق) ذلك (فراجعت) ربي ولابن عساكر فرجعت (فوضع) عني (شطرها) فيه شيء على تفسير الشطر بالنصف، لأنه يلزم منه أن يكون وضع اثنتي عشرة صلاة ونصف صلاة وهو باطل فتفسيره بجزء منها أولى وأحسن منه الحمل على ما زاده ثابت خمسًا خمسًا كما مرّ، (فرجعت إليه) أي إلى موسى (فقال ارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك فراجعته) تعالى (فقال) جلّ وعلا: (هي خمس) بحسب الفعل (وهي خمسون) بحسب الثواب قال تعالى: ﴿مَن جاء بالحسنة فله عشر أمثالها﴾ [الأنعام: ١٦٠] ولأبي ذر عن المستملي، ونسبها في الفتح لغير أبي ذر هنّ خمس وهنّ خمسون، واستدلّ به على عدم فرضية ما زاد على الخمس كالوتر وفيه جواز النسخ قبل الفعل خلافًا للمعتزلة.
قال ابن المنير: لكن الكل متّفقون على أن النسخ لا يتصوّر قبل البلاغ، وقد جاء به حديث الإسراء فأشكل على الطائفتين. وتعقب بأن الخلاف مأثور نص عليه ابن دقيق العيد في شرح العمدة وغيره.
نعم هو نسخ بالنسبة إلى النبي ﷺ لأنه كلف بذلك قطعًا، ثم نسخ بعد أن بلغه وقبل أن يفعل
فالنسخ في حقه صحيح التصوير. (لا يبدل القول) بمساواة ثواب الخمس الخمسين (لديّ) أو لا يبدّل القضاء المبرم لا المعلق الذي يمحو الله منه ما يشاء ويثبت ما يشاء، وأما مراجعته ﵊ ربه في ذلك فللعلم بأن الأمر الأوّل ليس على وجه القطع والإبرام. قال ﵊:(فرجعت إلى موسى فقال: راجع ربك) وللأصيلي ارجع إلى ربك (فقلت) ولأبي ذر قلت (استحييت) وللأصيلي قد استحييت (من ربي) وجه استحيائه أنه لو سأل الرفع بعد الخمس لكان كأنه قد سأل رفع الخمس بعينها، ولا سيما وقد سمع قوله تعالى: ﴿لا يبدّل القول لديّ﴾ [ق: ٢٩].
(ثم انطلق بي) بفتح الطاء واللام وفي بعض النسخ إسقاط بي والاقتصار ثم انطلق (حتى انتهى بي إلى سدرة المنتهى) وللأربعة إلى السدرة المنتهى وهي في أعلى السماوات، وفي مسلم أنها في السادسة، فيحتمل أن أصلها فيها ومعظمها في السابعة، وسمّيت بالمنتهى لأن علم الملائكة ينتهي إليها ولم يجاوزها أحد إلاّ رسول الله ﷺ، أو لأنه ينتهي إليها ما يهبط من فوقها وما يصعد من تحتها أو تنتهي إليها أرواح الشهداء أو أرواح المؤمنين فتصلي عليهم الملائكة المقرّبون، (وغشيها ألوان لا