واختلفوا مع الاتفاق على الوقوع ثلاثًا هل يكره أو يحرم أو يباح أو يكون بدعيًّا أو لا؟ فقال الشافعية: يجوز جمعها ولو دفعة، وقال اللخمي من أئمة المالكية: إيقاع الاثنتين مكروه: والثلاث ممنوع لقوله تعالى: ﴿لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا﴾ [الطلاق: ١] أي من الرغبة في المراجعة والندم على الفرقة. ولنا قوله تعالى: ﴿لا جناح عليكم إن طلّقتم النساء﴾ [البقرة: ٢٣٦] و ﴿إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن﴾ [الطلاق: ١] وهذا يقتضي الإباحة، وطلّق رسول الله ﷺ حفصة وكان الصحابة يطلقون من غير نكير حتى روي أن مغيرة بن شعبة كان له أربع نسوة فأقامهن بين يديه صفًّا فقال: أنتنّ حسنات الأخلاق، ناعمات الأوراق، طويلات الأعناق، اذهبن فأنتن الطلاق. وكل هذا يدل على الإباحة. نعم الأفضل عندنا أن لا يطلّق أكثر من واحدة ليخرج من الخلاف. وقال الحنفية: يكون بدعيًّا إذا أوقعه بكلمة لحديث ابن عمر عند الدارقطني قلت يا رسول الله: أرأيت لو طلّقتها ثلاثًا؟ قال:"إذًا قد عصيت ربك وبانت منك امرأتك" ولأن الطلاق إنما جعل متعددًا ليمكنه التدارك عند الندم فلا يحلّ له تفويته.
وفي حديث محمود بن لبيد عند النسائي بسند رجاله ثقات قال: أخبر النبي ﷺ عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعًا فقام مغضبًا فقال: "أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم" لكن محمود بن لبيد ولد في زمنه ﷺ ولم يثبت له منه سماع وهو مع ذلك محتمل لإنكاره عليه إيقاعها مجموعة وغير ذلك.
(وقال ابن الزبير) عبد الله فيما وصله الشافعي وعبد الرزاق (في) رجل (مريض طلق) امرأته (لا أرى) بفتح الهمزة (أن ترث مبتوتة) بالمثناتين الفوقيتين بينهما واو ساكنة، وقبل أولاهما موحدة منصوبة في اليونينية من قيل لها أنت طالق البتّة ويطلق على من أنبتت بالثلاث ولغير أبي ذر مبتوتة أي مبتوتة المريض.
(وقال الشعبي) عامر بن شراحيل (ترثه) ما كانت في العدة وهذا وصله سعيد بن منصور.
(وقال ابن شبرمة): بضم الشين المعجمة والراء بينهما موحدة ساكنة عبد الله قاضي الكوفة التابعي الشعبي (تزوّج) استفهام حذفت منه الأداة أي هل تزوّج (إذا انقضت العدة. قال) الشعبي: (نعم) تزوّج (قال) ابن شبرمة (أرأيت) أي أخبرني (إن مات الزوج الآخر) ترثه أيضًا فيلزم إرثها من الزوجين معًا واحدة (فرجع) الشعبي (عن ذلك) القول الذي قاله من أنها ترثه ما كانت في العدة وهذا وصله سعيد بن منصور، وساقه المؤلّف مختصرًا استطرادًا.