لا. فتتزوج في الحال إلا أن تكون حاملًا لا على وجه العدّة بل ليرتفع المانع بالوضع، وعند أبي يوسف ومحمد عليها العدّة، ووجه قول أبي حنيفة إن العدّة إنما وجبت إظهارًا لحظر النكاح المتقدم ولا حظر لملك الحربيّ بل أسقطه الشرع بالآية في المهاجرات ﴿ولا تمسكوا بعصم الكوافر﴾ [الممتحنة: ١٠] جمع كافرة فلو شرطنا العدّة لزم التمسك بعقدة نكاحهن في حال كفرهن (فإذا طهرت) بضم الهاء (حلّ له النكاح فإن هاجر زوجها قبل أن تنكح) تتزوج غيره (ردّت إليه) بالنكاح الأول (وإن هاجر عبد منهم) من أهل الحرب (أو أمة فهما حرّان ولهما ما للمهاجرين) من مكة إلى المدينة من تمام الإسلام والحرية. (ثم ذكر) عطاء (من) قصة (أهل العهد مثل حديث مجاهد) وهو قوله (وإن هاجر عبدًا وأمة للمشركين أهل العهد لم يردّوا) إليهم (وردت أثمانهم) إليهم وهذا من باب فداء أسرى المسلمين ولم يجز تملّكهم لارتفاع علة الاسترقاق التي هي الكفر فيهم.
(وقال عطاء) بالإسناد السابق: (عن ابن عباس)﵄: (كانت قريبة) بضم القاف مصغرًا لأبي ذر وابن عساكر ولغيرهما تريبة بفتح القاف وكسر الراء وكذا ضبطه الدمياطي، وفي القاموس الوجهان وعبارته بالتصغير وقد تفتح (بنت) ولأبي ذر ابنة (أبي أمية) بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم أخت أم سلمة زوج النبي ﷺ(عند عمر بن الخطاب)﵁(فطلقها فتزوّجها معاوية بن أبي سفيان) وظاهر هذا كما في الفتح أنها لم تكن أسلمت في هذا الوقت وهو ما بين عمرة الحديبية وفتح مكة وفيه نظر، فقد ثبت بسند صحيح عند النسائي ما يقتضي أنها هاجرت قديمًا لكن يحتمل أنها جاءت إلى المدينة زائرة لأختها قبل أن تسلم أو كانت مقيمة عند زوجها عمر على دينها قبل أن تنزل الآية، لكن هذا يردّه ما روى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري لما نزلت ﴿ولا تمسمكوا بعصم الكوافر﴾ [الممتحنة: ١٠] فذكر القصة وفيها فطلّق عمر امرأتين كانتا له بمكة، فهذا يردّ أنها كانت مقيمة ولا يردّ أنها جاءت زائرة ويحتمل أن يكون لأم سلمة أختان كلٌّ منهما تسمى قريبة تقدم إسلام إحداهما وتأخر إسلام الأخرى وهي المذكورة هنا، ويؤيده أن عند ابن سعد في طبقاته قريبة الصغرى بنت أبي أمية أخت أم سلمة تزوّجها عبد الرحمن بن أبي بكر الصدّيق. (وكانت أم الحكم ابنة) ولأبي ذر بنت (أبي سفيان) أخت معاوية وأم حبيبة لأبيها (تحت عياض بن غنم) بفتح الغين المعجمة وسكون النون (الفهر) بكسر الفاء وسكون الهاء (فطلقها) حينئذٍ (فتزوّجها عبد الله بن عثمان الثقفي) بالمثلثة. واستشكل ترك ردّ النساء إلى أهل مكة مع وقوع الصلح بينهم وبين المسلمين في الحديبية على أن من جاء منهم إلى المسلمين ردوه ومن جاء من المسلمين إليهم لم يردوه. وأجيب: بأن حكم النساء منسوخ بآية ﴿يا