قال الشيخ كمال الدين: هو لغة مصدر ظاهر وهو مفاعلة من الظهر فيصح أن يراد به معانٍ مختلفة ترجع إلى الظهر معنى ولفظًا بحسب اختلاف الأغراض فيقال: ظاهرت أي قابلت ظهرك بظهره حقيقة وإذا غايظته أيضًا وإن لم تدابره حقيقة باعتبار أن المغايظة تقتضي هذه المقابلة وظاهرته إذا نصرته باعتبار أنه يقال قوي ظهره إذا نصره وظاهر من امرأته وأظهر وتظاهر واظّاهر وظهر وتظهر إذا قال لها أنت عليّ كظهر أمي، وظاهر بين ثوبين إذا لبس أحدهما فوق الآخر على اعتبار جعل ما يلي به كل منهما الآخر ظهرًا للثوب وغاية ما يلزم كون لفظ الظهر في بعض هذه التراكيب مجازًا وكونه مجازًا لا يمنع الاشتقاق منه ويكون المشتق مجازًا أيضًا، وقد قيل الظهر هنا مجاز عن البطن لأنه إنما يركب البطن فكظهر أمي أي كبطنها بعلاقة المجاورة ولأنه عموده لكن لا يظهر ما هو الصارف عن الحقيقة من النكات وقيل خص الظهر لأن إتيان المرأة من ظهرها كان حرامًا فإتيان أمه من ظهرها أحرم فكثر التغليظ في الشرع هو تشبيه الزوجة في الحرمة بمحرمه.
(وقول الله تعالى: ﴿قد سمع الله قول التي تجادلك﴾) أي تحاورك (﴿في زوجها﴾) في شأنه (-إلى قوله-) تعالى: (﴿فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا﴾)[الجادلة: ١] كذا لأبي ذر وعند ابن عساكر بعد قوله زوجها الآية وحذف ما بعدها.
وعن عائشة فيما رواه الإمام أحمد أنها قالت: الحمد لله الذي وسع سمعه سمع الأصوات لقد جاءت المجادلة إلى النبي ﷺ تكلمه وأنا في جانب البيت ما أسمع ما تقول فأنزل الله ﷿: ﴿قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها﴾ إلى آخر الآية. وكذا رواه البخاري في كتاب التوحيد معلقًا.
وعند النسائي وابن ماجة عن عائشة أيضًا تبارك الذي أوعى سمعه كل شيء إني أسمع كلام خويلة بنت ثعلب ويخفى عليّ بعضه وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله ﷺ وهي تقول: يا رسول الله أكل شبابي ونثرت له بطني حتى إذا كبرت سني وانقطع ولدي ظاهر مني اللّهمّ إني أشكو إليك. قالت: فما برحت حتى نزل جبريل بهذه الآية ﴿قد سمع الله قول التي تجادلك﴾ إلى آخر الآية، وزوجها هو أوس بن الصامت. قال في النهاية: وفي أسماء الله تعالى السميع وهو الذي لا يغيب عن إدراكه مسموع وإن خفي فهو يسمع بغير جارحة. وقال الراغب: السمع قوّة في الأُذن بها تدرك الأصوات فإذا وصف الله تعالى بالسمع فالمراد علمه بالمسموعات، وروي أنها قالت: إن لي صبية صغارًا إن ضممتهم إليه ضاعوا، وإن ضممتهم إليّ جاعوا، فقال لها ﷺ:"ما عندي في أمرك شيء" وروي أنه قال لها: "حرمت عليه" فقالت أشكو إلى الله فاقتي ووجدي كلما قال رسول الله ﷺ: "حرمت عليه" هتفت وشكت فهذا هو جدالها. وفي الطبراني من حديث ابن عباس قال: كان الظهار في الجاهلية يحرم النساء فكان أوّل من ظاهر في الإسلام أوس بن الصامت وكانت امرأته خويلة الحديث.