وهو إثباته فيصير حاصله لا إحداد إلا من زوج فإنها تحد وذلك يقتضي الوجوب لأن الإخبار يفيده على ما عرف ومن أن نفي حل الإحداد إيجاب الزينة فاستثناؤه استثناء من الإيجاب فيكون إيجابًا لأن الأصل أن يكون المستثنى من جنس المستثنى منه غير لازم، إذ نمنع كون نفي حل الشيء الحسي نفيًا له عن الوجود لغة أو شرعًا لتضمن الاستثناء الإخبار بوجوده بل نفي له عن الحل، ولو سلم فوجود الشيء أيضًا في الشرع لا يستلزم الوجوب لتحققه بالإباحة والندب بلا وجوب، وأيضًا استثناء الإحداد من إيجاب الزينة حاصله نفي وجوب الزينة وهو معنى حل الإحداد واتحاد الجنس حاصل مع هذا فإن المستثنى والمستثنى منه الإحداد ولا يتوقف اتحاد الجنس على صفة الوجوب فيهما فهو كالأول انتهى.
وأجيب: بأن في حديث التي شكت عينها وهو ثالث أحاديث هذا الباب دلالة على الوجوب وإلا لم يمتنع التداوي المباح وبأن السياق أيضًا يدل على الوجوب فإن كل ممنوع منه إذا دل على جوازه كان ذلك الدليل بعينه دالاًّ على الوجوب كالختان والزيادة على الركوع في الكسوف ونحو ذلك.
وفي حديث أم سلمة المروي في الموطأ وأبي داود والنسائي قالت: قال رسول الله ﷺ: "لا تلبس المتوفى عنها زوجها المعصفر من الثياب ولا الممشقة ولا الحلي ولا تختضب ولا تكتحل".
والظاهر أن الفعل مجزوم على النهي، وحديث أبي داود:"لا تحدّ المرأة فوق ثلاث إلا على زوج فإنه تحدّ أربعة أشهرًا وعشرًا" وهو أمر بلفظ الخبر إذ ليس المراد معنى الخبر فإن المرأة قد لا تحد فهو على حد قوله تعالى: ﴿والمطلقات يتربصن بأنفسهن﴾ [البقرة: ٢٢٨] والمراد به الأمر اتفاقًا والتقييد بالمرأة خرج مخرج الغالب فيجب الإحداد على الصغيرة كالعدة والمخاطب الولي فيمنعها مما تمنع منه المعتدة وهذا مذهب الجمهور خلافًا للحنفية وشمل قوله المرأة المدخول بها وغيرها والحرة والأمة والتقييد بالإيمان بالله ورسوله لا مفهوم له كما يقال هذا طريق المسلمين وقد يسلكه غيرهم.
(قالت زينب) بنت أبي سلمة بالسند السابق وهذا هو الحديث الثالث (وسمعت) أمي (أم سلمة تقول جاءت امرأة) اسمها عاتكة بنت نعيم بن عبد الله بن النحام كما في معرفة الصحابة لأبي نعيم (إلى رسول الله ﷺ فقالت: يا رسول الله إن ابنتي توفي عنها زوجها) المغيرة المخزومي،