بسند صحيح عنه (العفو فضل). وعند ابن أبي حاتم من مرسل يحيى بن أبي كثير بسند صحيح أنه بلغه أن معاذ بن جبل وثعلبة سألا رسول الله ﷺ فقالا: إن لنا أرقاء وأهلين فيما ننفق من أموالنا؟ فنزلت. وعن ابن عباس فيما أخرجه ابن أبي حاتم أيضًا أن المراد بالعفو ما فضل عن الأهل.
وبه قال:(حدّثنا آدم بن أبي إياس) العسقلاني قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن عدي بن ثابت) الأنصاري (قال: سمعت عبد الله بن يزيد) من الزيادة (الأنصاري عن أبي مسعود) عقبة بن عمرو (الأنصاري) البدري قال شعبة بن الحجاج: كما بينه عند الإسماعيلي في رواية له فيما نبه عليه في الفتح أو عبد الله بن يزيد كما قاله العيني: (فقلت) لأبي مسعود أترويه (عن النبي ﷺ) أو تقوله اجتهادًا؟ (فقال) إنما أرويه (عن النبي ﷺ) أنه (قال):
(إذا أنفق المسلم نفقة) دراهم أو غيرها (على أهله) زوجته أو ولده وأقاربه، ويحتمل أن يختص بالزوجة ويلتحق بها غيرها بطريق الأولى لأن الثواب إذا ثبت فيما هو واجب فثبوته فيما ليس بواجب أولى (وهو) أي والحال أنه (يحتسبها) أي يريد بها وجه الله تعالى بأن يتذكر أنه يجب عليه الإنفاق فينفق بنية أداء ما أمر به (كانت) أي النفقة (له صدقة) أي كالصدقة في الثواب وإلا لحرمت على الهاشمي والمطلبي والصارف له عن الحقيقة الإجماع وإطلاق الصدقة على النفقة مجاز والمراد بها الثواب كما سبق هنا فالتشبيه واقع على أصل الثواب لا في الكمية ولا في الكيفية.
وقال المهلب: النفقة على الأهل واجبة بالإجماع وإنما سماها الشارع صدقة خشية أن يظنوا أن قيامهم بالواجب لا أجر لهم فيه وقد عرفوا ما في الصدقة من الأجر فعرّفهم أنها لهم صدقة حتى لا يخرجوها إلى غير الأهل إلا بعد أن يكفوهم المؤونة ترغيبًا لهم في تقديم الصدقة الواجبة قبل صدقة التطوّع، وقال ابن المنير: تسمية الفقة صدقة من جنس تسمية الصداق نحلة فلما كان احتياج المرأة إلى الرجل كاحتياجه إليها في اللذة والتأنيس والتحصن وطلب الولد كان الأصل أن لا يجب لها عليه شيء إلا أن الله تعالى خص الرجل بالفضل على المرأة وبالقيام عليها ورفعه عليها بذلك درجة فمن ثم جاز إطلاق النحلة على الصداق والصدقة على النفقة.
وهذا الحديث قد مرّ في باب ما جاء أن الأعمال بالنية والحسبة من كتاب الإيمان.