هذا (باب) بالتنوين (وقال الله تعالى): وسقط لفظ وقال الله تعالى لأبي ذر (﴿والوالدات يرضعن أولادهن﴾) خبر في معنى الأمر المؤكد كيتربصن وهذا الأمر على وجه الندب أو على وجه الوجوب إذا لم يقبل الصبي إلا ثدي أمه أو لم يوجد له ظئر أو كان الأب عاجزًا عن الاستئجار أو أراد الوالدات المطلقات وإيجاب النفقة والكسوة لأجل الرضاع وعبّر بلفظ الخبر دون لفظ الإلزام كأن يقول وعلى الوالدات إرضاع أولادهن كما جاء بعد وعلى الوارث مثل ذلك إشارة إلى عدم الوجوب (﴿حولين﴾) ظرف (﴿كاملين﴾) تامين وهو تأكيد لأنه مما يتسامح فيه فإنك تقول أقمت عند فلان حولين ولم تستكملهما (﴿لمن أراد أن يتم الرضاعة﴾) بيان لمن توجه إليه الحكم أي هذا الحكم لمن أراد إتمام الرضاع (إلى قوله: ﴿بما تعملون بصير﴾)[البقرة: ٢٣٣] لا تخفى عليه أعمالكم فهو يجازيكم عليها (وقال) تعالى: ﴿وحمله وفصاله﴾) ومدة حمله وفطامه (﴿ثلاثون شهرًا﴾)[الأحقاف: ١٥] استدل عليّ ﵁ بهذه الآية مع التي في لقمان (وفصاله في عامين﴾ [لقمان: ١٤] قوله: ﴿والوالدات يرضعن أولادهن حولين﴾ على أن أقل مدة الحمل ستة أشهر وهو كما قاله ابن كثير استنباطًا قوي صحيح ووافقه عليه عثمان وغيره من الصحابة ﵃ فروى محمد بن إسحاق عن معمر بن عبد الله الجهني قال: تزوج رجل منا امرأة من جهينة فولدت لتمام ستة أشهر فانطلق زوجها إلى عثمان فذكر ذلك له فبعث إليها فلما قامت لتلبس ثيابها بكت أختها فقالت: ما يبكيك؟ فوالله ما التبس بي أحد من خلق الله غيره قطّ فيقضي الله فيّ ما شاء فلما أتي بها عثمان أمر برجمها فبلغ ذلك عليًّا فأتاه فقال له: ما تصنع؟ قال: ولدت تمامًا لستة أشهر وهل يكون ذلك؟ فقال له عليّ: أما تقرأ القرآن؟ قال: بلى. قال: أما سمعت الله تعالى يقول: ﴿وحمله وفصاله ثلاثون شهرًا﴾ وقال: ﴿حولين كاملين﴾ فلم تجد قد بقي إلا ستة أشهر فقال عثمان: والله ما فطنت لهذا عليّ بالمرأة قال: فوجدوها قد فرغ منها رواه ابن أبي حاتم.
(وقال): تعالى (﴿وإن تعاسرتم﴾) أي تضايقتم فلم ترض الأم بما ترضع به الأجنبية ولم يزد الأب على ذلك (﴿فسترضع له أخرى﴾) فستوجد ولا تعوز مرضعة غير الأم ترضعه وفيه طرف