(قام رجل) لم يُسَمَّ (إلى النبي ﷺ فسأله عن الصلاة في الثوب الواحد) أي هل تصحّ أم لا؟ (فقال)﵇(أو كلكم) بهمزة الاستفهام الإنكاري الإبطالي وواو العطف وأصل الكلام وأكلكم، لكن قدّم الاستفهام لأن له صدر الكلام أو الواو عاطفة على محذوف بين الهمزة والواو دلّ عليه المعطوف ولا تقديم ولا تأخير، فالتقدير هنا أكلكم يجد ثوبين وكلكم يجد ثوبين والأول أولى والتقديم والتأخير أسهل من الحذف، والمعنى ليس كلكم (يجد ثوبين) فلذا تصحّ الصلاة في الثوب الواحد، (ثم سأل رجل عمر) بن الخطاب ﵁ أنهى عن الصلاة في الثوب الواحد.
والسائل يحتمل أن يكون هو ابن مسعود أو أُبيًّا لأنهما اختلفا في ذلك كما رواه عبد الرزاق فقال أبي: الصلاة في الثوب الواحد لا تكره، وقال ابن مسعود: إنما كان ذلك وفي الثياب قلّة، (فقال) عمر ﵁ مجيبًا للسائل: (إذا وسع الله فأوسعوا) فيه دليل على أن الثوب الواحد كاف وأن الزيادة استحسان (جمع) أي ليجمع (رجل عليه) أي على نفسه (ثيابه صلّى) أي ليصلّ (رجل في إزار) وهو ما يؤتزر به في النصف الأسفل (ورداء) للنصف الأعلى أو (في إزار وقميص) أو (في إزار وقباء) أو (في سراويل ورداء) غير منصرف على وزن مفاعيل، أو (في سرايل وقميص) أو (في سراويل وقباء) أو (في تبّان وقباء) أو (في تبّان وقميص).
(قال) أي أبو هريرة (وأحسبه) أي عمر (قال) أو (في تبّان ورداء) وهذه تسع صور، ولم يجزم أبو هريرة بل ذكره بالحسبان لإمكان أن عمر أهمل ذلك لأنّ التبّان لا يستر العورة كلها بناء على أن الفخذ من العورة، فالستر به حاصل مع القباء ومع القميص، وأما مع الرداء فقد لا يحصل. ورأى أبو هريرة أن انحصار القسمة يقتضي ذكر هذه الصورة والستر قد يحصل بها إذا كان الرداء سابغًا وقدّم ملابس الوسط لأنها محل ستر العورة، وهذه الجملة من قوله جمع إلى هنا من تتمة قول عمر وعبّر بصيغة الماضي ومراده الأمر أي ليجمع وليصل كما مرّ، ومثله في كلام العرب: اتقى الله امرؤ فعل خيرًا يثب عليه أي ليتّق الله وليفعل. وقال ابن المنير: الصحيح أنه كلام في معنى الشرط كأنه قال: إن جمع رجل عليه ثيابه فحسن وحذف أو العاطفة في المواضع التسعة على قول مَن يجوّز ذلك من النحاة، والأصل إثباتها كما قاله ابن مالك. وعورض بأنه لا يتعيّن أن يكون المحذوف حرف عطف، بل يحتمل أن يكون المحذوف فعلاً أي صلّى في إزار وقميص صلى في إزار وقباء وكذا الباقي أي ليجمع عليه ثيابة ليصلِّ إلي كذا، والحمل على هذا أولى لثبوته إجماعًا وحذف حرف العطف بابه الشعر فقط وعند بعض وقوعه في الشعر مختلف فيه أو أنها على سبيل التعداد فلا حاجة للعطف.