للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تَرَكْتَهُ». قَالَ: بَلْ أَذِنْتُ لَهُ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ يَقُولُ: إِذَا كَانَ القَوْمُ عَلَى المَائِدَةِ، لَيْسَ لَهَا أَنْ يُنَاوِلُوا مِنْ مَائِدَةٍ إِلَى مَائِدَةٍ أُخْرَى، وَلَكِنْ يُنَاوِلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي تِلْكَ المَائِدَةِ أَوْ يَدَعُوا.

وبه قال: (حدّثنا محمد بن يوسف) البيكندي قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (عن الأعمش) سليمان الكوفي (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة (عن أبي مسعود) عقبة بن عامر (الأنصاري) البدري أنه (قال: كان من الأنصار رجل يقال له أبو شعيب) لم أقف على اسمه (وكان له غلام) أي أعرف اسمه أيضًا (لحّام) يبيع اللحم (فقال) أبو شعيب لغلامه: (اصنع لي طعامًا أدعو رسول الله خامس خمسة) وفي رواية حفص بن غياث في البيوع اجعل لي طعامًا يكفي خمسة فإني أريد أن أدعو رسول الله وقد عرفت في وجهه الجوع (فدعا) فيه حذف تقديره فصنع له الطعام فدعا (رسول الله خامس خمسة) يقال خامس أربعة وخامس خمسة بمعنى قال الله تعالى: ﴿ثاني اثنين﴾ [التوبة: ٤٠] وثالث ثلاثة ومعنى خامس أربعة أي زائد عليهم وخامس خمسة أي أحدهم والأجود نصب خامس على الحال ويجوز رفعه بتقدير وهو خامس (فتبعهم رجل) أي يسم (فقال النبي ) لأبي شعيب:

(إنك لدعوتنا خامس خمسة وهذا رجل قد تبعنا فإن شئت أذنت له) بفتح تاءي الفعلين كقوله (وإن شئت تركته لقال) أبو شعيب: (بل أذنت له) فيه أن من تطفّل في الدعوة كان لصاحب الدعوة الاختيار في حرمانه فإن دخل بغير إذن كان له إخراجه وأنه يحرم التطفل إلا إذا علم رضا المالك به لما بينهما من الإنس والانبساط، وقيد ذلك الإمام بالدعوة الخاصة أما العامة كان فتح الباب ليدخل من شاء فلا تطفّل، وفي سنن أبي داود بسند ضعيف عن ابن عمر رفعه: "من دخل بغير دعوة دخل سارقًا وخرج مغيرًا".

والطفيلي مأخوذ من التطفل وهو منسوب إلى طفيل رجل من أهل الكوفة كان يأتي الولائم بلا دعوة فكان يقال له طفيل الأعراس فسمي من اتصف بصفته طفيليًّا، وكانت العرب تسميه الوراش بشين معجمة وتقول لمن يتبع الدعوة بغير دعوة: ضيفن بنون زائدة، وللحافظ أبي بكر الخطيب جزء في الطفيليين جمع فيه ملح أخبارهم.

(قال محمد بن يوسف) الفريابي (سمعت محمد بن إسماعيل) البخاري (يقول: إذا كان القوم على المائدة) التي دعوا إليها (ليس لهم أن يناولوا) غيرهم (من مائدة إلى مائدة أخرى ولكن يناول بعضهم بعضًا في تلك المائدة) لأنه صار لهم بالدعوة عموم إذن بالتصرف في الطعام المدعوّ إليه بخلاف من لم يدع (أو يدعوا) أي يتركوا ذلك والذي في اليونينية أو يدع بغير واو، والحاصل أنه ينزل من وضع بين يديه الشيء منزلة من دعي له وينزل الشيء الذي وضع بين يدي غيره منزلة من لم يدع إليه، وكأن المؤلّف استنبط هذا من استئذانه الداعي في الرجل الذي تبعهم قاله في الفتح، ومقتضاه أنه لا يطعم هرة ولا سائلًا إلا إن علم رضاه به للعرف في ذلك وله تلقيم

<<  <  ج: ص:  >  >>