للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جهم) بفتح الهمزة وسكون النون وكسر الموحدة وتخفيف الجيم وبعد النون ياء نسبة مشدّدة كساء غليظ لا علم له، ويجوز كسر الهمزة وسكون النون وفتح الموحدة وتخفيف المثناة. قال ابن قرقول: نسبة إلى منبج بفتح الميم وكسر الموحدة موضع بالشام، وقيل نسبة إلى موضع يقال له أنبجان. وفي هذه قال ثعلب: يقال كساء أنبجاني وهذا هو الأقرب إلى الصواب في لفظ الحديث اهـ.

(فإنها) أي الخميصة (ألهتني) من لهى بالكسر لا من لها لهوًا إذا لعب أي شغلتني (آنفًا) أي قريبًا (عن صلاتي) وعند مالك في الموطأ. فإني نظرت إلى علمها في الصلاة فكاد يفتنني، وفي التعليق الآتي إن شاء الله تعالى قريبًا فأخاف أن يفتنني فيحمل قوله: ألهتني على قوله كاد فيكون الإطلاق للمبالغة في القرب لا لتحقّق وقوع الإلهاء، ولا يقال أن المعنى شغلتني عن كمال الحضور في صلاتي لأنّا نقول قوله في التعليق الآتي فأخاف أن يفتتي يدلّ على نفي وقوع ذلك، وقد يقال أن له حالتين حالة بشرية وحالة يختصّ بها خارجة عن ذلك، فبالنظر إلى الحالة البشرية قال: ألهتني، وبالنظر إلى الحالة الثانية لم يجزم به، بل قال: أخاف ولا يلزم من ذلك الوقوع ونزع الخميصة ليستنّ به في ترك كل شاغل، وليس المراد أن أبا جهم يصلّي في الخميصة لأنه لم يكن ليبعث إلى غيره به، يكرهه لنفسه فهو كإهداء الحلّة لعمر مع تحريم لباسها عليه لينتفع بها ببيع أو غيره.

واستنبط من الحديث الحثّ على حضور القلب في الصلاة وترك ما يؤدّي إلى شغله، وقد شهد القرآن بالفلاح للمصلّين الخاشعين والفلاح أجمع اسم لسعادة الآخرة وبانتفاء الخشوع ينتفي الفلاح فالمصلّي يناجي ربّه فعظّم في نفسك قدر مناجاته وانظر مَن تناجي وكيف تناجي وبماذا تناجي فاعلم واعمل تسلم.

ورواة هذا الحديث ما بين كوفي ومدنيين، وفيه رواية تابعي عن تابعي عن صحابية والتحديث والعنعنة.

(وقال هشام بن عروة) بن الزبير (عن أبيه) عروة (عن عائشة) مما رواه مسلم وغيره بالمعنى. قالت:

(قال النبي : كنت أنظر إلى علمها) أي الخميصة (وأنا في الصلاة) جملة حالية (فأخاف أن تفتنني) بفتح المثناة الفوقية وكسر الثانية وبالنونين من باب ضرب يضرب وفي رواية يفتنني بفتح المثناة التحتية في أوّله بدل الفوقية.

<<  <  ج: ص:  >  >>