(﴿أو لحم خنزير فإنه رجس﴾) نجس حرام والهاء في فإنه الظاهر عودها على لحم المضاف لخنزير وقال ابن حزم: على خنزير لأنه أقرب مذكور ورجح الأول بأن اللحم هو المحدث عنه والخنزير جاء بعرضية الإضافة إليه ألا ترى أنك إذا قلت رأيت غلام زيد فأكرمته أن الهاء تعود على الغلام لأنه المحدث عنه المقصود بالإخبار عنه لا على زيد لأنه غير مقصود، ورجح الثاني بأن التحريم المضاف للخنزير ليس مختصًّا بلحمه بل شحمه وشعره وعظمه كذلك فإذا أعدنا الضمير على خنزير كان كافيًا بهذا المقصود وإذا أعدناه على لحم لم يكن في الآية تعرض لتحريم ما عدا اللحم مما ذكر.
وأجيب: بأنه إنما ذكر اللحم دون غيره وإن كان غيره مقصودًا بالتحريم لأنه أهم ما فيه وأكثر ما يقصد فيه اللحم كغيره من الحيوانات وعلى هذا فلا مفهوم لتخصيص اللحم بالذكر، ولو سلم فإنه يكون من باب مفهوم اللقب وهو ضعيف جدًّا وقوله: فإنه رجس إما على المبالغة بأن جعل نفس الرجس أو على حذف مضاف (﴿أو فسقًا﴾) عطف على المنصوب السابق وقوله: فإنه رجس اعتراض بين المعطوف والمعطوف عليه (﴿أُهلّ لغير الله به﴾) في موضع نصب صفة لفسقًا أي رفع الصوت على ذبحه باسم غير اسم الله وسمي بالفسق لتوغله في باب الفسق (﴿فمن اضطر﴾) فمن دعته الضرورة إلى أكل شيء من هذه المحرمات (﴿غير باغ﴾) على مضطر مثله تارك لمواساته (﴿ولا عاد﴾) متجاوز قدر حاجته من تناوله (﴿فإن ربك غفور رحيم﴾)[الأنعام: ١٤٥] لا يؤاخذه، وسقط لأبي ذر وابن عساكر من قوله: ﴿طاعم﴾ إلى آخره وقالا بعد قوله: ﴿محرمًا﴾ إلى ﴿أو دمًا مسفوحًا﴾.
(قال ابن عباس): مما وصله الطبري في تفسير ﴿مسفوحًا﴾ أي (مهراقًا. وقال) جل وعلا: (﴿فكلوا مما رزقكم الله﴾) على يدي محمد ﷺ(﴿حلالًا طيبًا﴾) بدلًا عما كنتم تأكلونه حرامًا خبيثًا من الأموال المأخوذة بالغارات والغصوب وخبائث الكسوب (﴿واشكروا نعمة الله إن كنتم إياه تعبدون إنما حرم عليكم الميتة﴾) وهي ما فارقه الروح من غير ذكاة مما يذبح (﴿والدم﴾) السائل (﴿ولحم الخنزير﴾) بجميع أجزائه (﴿وما أهلّ لغير الله به﴾) ذبح للأصنام فذكر عليه غير اسم الله (﴿فمن اضطر غير باغ ولا عادٍ فإن الله غفور رحيم﴾)[النحل: ١١٤، ١١٥] وسقط قوله: ﴿واشكروا﴾ إلى آخر قوله: ﴿لغير الله به﴾ وهذه آية النحل، وثبتت هنا لكريمة، ولم يذكر المؤلّف في هذا الباب حديثًا اكتفاء بالنصوص القرآنية أو بيض له ليجد حديثًا على شرطه فيثبته فيه فلم يجده.