بلى. قال: أي بلد هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه قال: أليس البلدة)؟ بسكون اللام مكة التي جعلها الله تعالى حرمًا، قال التوربشتي: وجه تسميتها بالبلدة وهي تقع على سائر البلدان أنها الجامعة للخير المستحقة أن تسمى بهذا الاسم لتفوّقها سائر مسميات أجناسها تفوّق الكعبة في تسميتها بالبيت سائر مسميات أجناسها حتى كأنها هي المحل المستحق للإقامة به (قلنا: بلى) يا رسول الله (قال)﵊(فأي يوم هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم فسكت)ﷺ(حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه قال: أليس يوم النحر)؟ الذي ننحر فيه الأضاحي في سائر الأقطار والهدايا بمنى (قلنا: بلى) وتمسك به من خص النحر بيوم العيد ووجهه أنه ﵊ أضاف هذا اليوم إلى جنس النحر لأن اللام هنا جنسية فتعم فلا يبقى نحر إلا في ذلك اليوم، لكن قال القرطبي: التمسك بإضافة النحر إلى اليوم الأول ضعيف مع قوله تعالى: ﴿ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام﴾ [الحج: ٢٨] انتهى.
وأجاب الجمهور بأن المراد النحر الكامل الفضل والألف واللام كثيرًا ما تستعمل للكمال نحو: ولكن البر وإنما الشديد الذي يملك نفسه، ولذا قيل اليوم الأول أفضل الأيام. وقال المالكية: أيام النحر ثلاثة مبدؤها يوم النحر بعد صلاة الإمام وذبحه في المصلى، وعند الشافعية آخر وقتها غروب الشمس من آخر أيام التشريق لحديث في كل أيام التشريق ذبح رواه ابن حبان، وقال أبو حنيفة: وأحمد يومان بعد النحر كقول المالكية.
(قال)ﷺ: (فإن دماءكم وأموالكم قال محمد) هو ابن سيرين (وأحسبه) أي وأحسب ابن أبي بكرة (قال) في حديثه (وأعراضكم) قال التوربشتي: أنفسكم وأحسابكم فإن العرض يقال للنسب والحسب. يقال: فلان نقيّ العرض أي بريء أن يعاب، وتعقب بأنه لو كان المراد من الأعراض النفوس لكان تكرارًا لأن ذكر الدماء كاف إذ المراد بها النفوس، وقال الطيبي: الظاهر أن المراد الأخلاق النفسانية فالمراد هنا الأخلاق ثم قال: والتحقيق ما في النهاية أن العرض موضع المدح والذم من الإنسان، ولذا قيل العرض النفس إطلاقًا للمحل على الحال (عليكم حرام كحرمة يومكم هذا) يوم النحر (في بلدكم هذا) مكة (في شهركم هذا) ذي الحجة وسقط لفظ هذا لأبي ذر وابن عساكر (وستلقون ربكم) يوم القيامة (فيسألكم عن أعمالكم) فيجازيكم عليها (ألا) بالتخفيف (فلا ترجعوا بعدي ضلالًا) بضم الضاد المعجمة وتشديد اللام الأولى جمع ضال (يضرب بعضكم رقاب بعض ألا) بالتخفيف (ليبلغ الشاهد الغائب) ما ذكر (فلعل بعض من يبلغه) بفتح التحتية وسكون الموحدة (أن يكون أوعى) بالواو الساكنة بعد الهمزة المفتوحة ولأبي ذر عن الحموي والمستملي أرعى بالراء بدل الواو (له) للذي ذكر (من بعض من سمعه) مني (وكان) بالواو ولأبي ذر وابن عساكر فكان (محمد) أي ابن سيرين (إذا ذكره) ولأبي ذر عن الكشميهني ذكر بحذف الضمير المنصوب (قال: صدق النبي ﷺ، ثم قال) النبي ﷺ: (ألا) بتخفيف اللام (هل بلغت ألا هل بلغت) زاد أبو ذر عن المستملي مرتين وهو من الحديث فصل