وبه قال:(حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم) وهو ابن علية نسبة إلى أمه الأسدي البصري (عن أيوب) السختياني (عن محمد) هو ابن سيرين (عن أنس)﵁(عن النبي ﷺ) أنه (قال):
(من ذبح) أضحيته (قبل الصلاة فليعد) أي الذبح (فقال رجل) هو أبو بردة يا رسول الله (هذا يوم يشتهى فيه اللحم) لا جرت العادة فيه من كثرة الذبح فتتشوف النفس له وتلتذ بأكله (وذكر هنة) بفتح الهاء والنون المخففة حاجة (من جيرانه) لجيرانه إلى اللحم وفقرهم وثبت قوله هنة لابن عساكر وأبي ذر عن الكشميهني (فكأن النبي ﷺ) بتشديد النون (عذره) بتخفيف الذال المعجمة أي قبل عذره لكنه لم يجعل ذلك كافيًا في مشروعية الأضحية ولذا أمره بالإعادة (وعندي جذعة) من المعز عطف على قول أبي بردة الذي ذكر الراوي عنه أنه ذكر هنة من جيرانه والتقدير هذا يوم يشتهى فيه اللحم ولجيراني حاجة فذبحت قبل الصلاة وعندي جذعة (خير من شاتين) لطيبها سمنًا ونفاسة.
فإن قلت: كيف تكون واحدة خيرًا من أضحيتين بل العكس أولى كما في صورة الإعتاق فإن إعتاق الرقبتين خير من إعتاق واحدة ولو كانت أنفس منهما؟ أجيب: بأن المقصود من الضحايا طيب اللحم وكثرته فشاة سمينة أفضل من هزيلتين، وأما العتق فالمقصود منه التقرب إلى الله تعالى بفك الرقبة فيكون عتق الاثنتين أفضل من عتق الواحدة. نعم إن عرض للواحد وصف يقتضي رفعته على غيره كالعلم وأنواع الفضل المتعدي فذهب بعض المحققين إلى أنه أفضل لعموم نفعه للمسلمين.
(فرخص له النبي ﷺ) في الأضحية بجذعة وسقط قوله النبي إلخ لأبي ذر، وقال أنس:(فلا أدري بلغت الرخصة) أي من سواه من الناس ولأبي ذر أبلغت الرخصة (أم لا، ثم انكفأ) بالهمز أي رجع ﷺ(إلى كبشين يعني فذبحهما) بيده الكريمة (ثم انكفأ) رجع (الناس إلى غنيمة) بضم الغين المعجمة وفتح النون (فذبحوهما).