ذكره في الموطأ عن مالك (سألت مالك بن أنس) الإمام (عن الفقاع) بضم الفاء وتشديد القاف آخره عين مهملة الشراب المعروف المتخذ من الزبيب ما حكم شربه (فقال) مجيبًا له (إذا لم يسكر فلا بأس به) ومفهومه إذا أسكر حرم (وقال ابن الدراوردي) عبد العزيز بن محمد: (سألنا عنه) أي عن الفقاع أيجوز شربه أم لا؟ قال الحافظ ابن حجر: ولم أعرف الذين سألهم ابن الدراوردي، لكن الظاهر أنهم فقهاء المدينة في زمنه وهو قد شارك مالكًا في لقاء أكثر مشايحه المدنيين (فقالوا): إذا كان (لا يسكر لا بأس به).
وبه قال:(حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) إمام دار الهجرة (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن أبي سلمة بن عبد الرحمن) بن عوف (أن عائشة)﵂(قالت: سئل رسول الله ﷺ) ولأبي ذر عن عائشة أن رسول الله ﷺ سئل (عن البتع) عن حكم جنسه لا عن مقداره وكان أهل المدينة يشربونه قال في الفتح: ولم أقف على اسم السائل صريحًا، لكني أظنه أبا موسى الأشعري لما في المغازي عن أبي موسى أنه ﷺ بعثه إلى اليمن فسأل عن أشربة تصنع بها فقال: ما هي؟ قال: البتع والمزر (فقال)ﷺ:
(كل شراب أسكر فهو حرام) ولو لم يسكر المتناول بالقدر الذي تناوله منه، وعند أبي داود والنسائي وصححه ابن حبان عن جابر قال ﷺ:"ما أسكر كثيره فقليله حرام". وفي ذلك جواز القياس باطّراد العلة وعلى هذا فيحرم جميع الأنبذة المسكرة، وبذلك قال الشافعية والمالكية والحنابلة والجمهور، وقال أبو المظفر السمعاني: وقياس النبيذ على الخمر بعلة الإسكار والإطراب من أجلى الأقيسة وأوضحها والمفاسد التي في الخمر توجد في النبيذ، وقال الحنفية: نقيع التمر والزبيب وغيرهما من الأنبذة إذا غلى واشتدّ حرم ولا يحدّ شاربه حتى يسكر ولا يكفر مستحله، وأما الذي من ماء العنب فحرام ويكفر مستحله لثبوت حرمته بدليل قطعي ويحدّ شاربه، وقد ثبتت الأخبار عن النبي ﷺ في تحريم المسكر، وقد قال عبد الله بن المبارك: لا يصح في حلّ النبيذ الذي يسكر كثيره عن الصحابة ولا عن التابعين شيء إلا عن إبراهيم النخعي ويدخل في قوله: كل مسكر حرام حشيشة الفقراء وغيرها وقد جزم النووي وغيره بأنها مسكرة وفي معنى شرب الخمر أكله بأن كان ثخينًا أو أكله بخبز أو طبخ به لحمًا أو أكل مرقه فخرج به أكل اللحم المطبوخ به لذهاب العين منه وكذا الاحتقان به والاستعاط.