ويحتمل أن يكون الكل اشتركوا في عمله (لرسول الله) أي لأجله (ﷺ وقام عليه) أي على المنبر (رسول الله ﷺ حين عمل ووضع) بالبناء للمفعول فيهما، (فاستقبل)﵇(القبلة كبّر) بغير واو جواب عن سؤال كأنه. قيل: ما عمل به بعد الاستقبال؟ قال: كبّر، وفي بعض الأصول: وكبّر بالواو، وفي أخرى فكبّر بالفاء، (وقام الناس خلفه فقرأ)﵇(وركع وركع الناس خلفه ثم رفع رأسه ثم رجع القهقرى) نصب على أنه مفعول مطلق بمعنى الرجوع إلى خلف أي رجع الرجوع الذي يعرف بذلك، وإنما فعل ذلك لئلا يولي ظهره القبلة (فسجد على الأرض ثم عاد إلى المنبر ثم قرأ ثم ركع ثم رفع رأسه ثم رجع القهقرى حتى سجد بالأرض فهذا شأنه). ولاحظ في قوله على الأرض معنى الاستعلاء، وفي قوله بالأرض معنى الإلصاق.
وفي هذا الحديث جواز ارتفاع الإمام على المأمومين، وهو مذهب الحنفية والشافعية وأحمد والليث، لكن مع الكراهة. وعن مالك المنع، وإليه ذهب الأوزاعي وأن العمل اليسير غير مبطل للصلاة. قال الخطابي: وكان المنبر ثلاث مراقي فلعله إنما قام على الثانية منها فليس في نزوله وصعوده إلاّ خطوتان، وجواز الصلاة على الخشب، وكرهه الحسن وابن سيرين كما رواه ابن أبي شيبة عنهما وأن ارتفاع الإمام لغرض التعليم غير مكروه.
ورواته ما بين بصري ومكّي ومدني، وفيه التحديث والإخبار والسؤال، وأخرجه المؤلّف في الصلاة، وكذا مسلم وابن ماجة.
(قال) وللأصيلي وقال (أبو عبد الله) أي البخاري، (قال علي بن عبد الله) ولأبي ذر قال علي بن المديني: (سألني أحمد بن حنبل) الإمام الجليل الذي وصفه ابن راهويه بأنه حجة بين الله وبين عباده في أرضه، المتوفّى ببغداد سنة إحدى وأربعين ومائتين ﵀ عن هذا الحديث. قال) وفي رواية فقال:(فإنما) ولابن عساكر والأصيلي وإنما (أردت أن النبي ﷺ كان أعلى من الناس فلا) ولابن عساكر ولا (بأس أن يكون الإمام أعلى من الناس بهذا الحديث) أي بدلالة هذا الحديث.
(قال) أي علي بن المديني (فقلت) أي لابن حنبل، وفي رواية قلت:(إن سفيان) وللأصيلي وأبي الوقت: فإن سفيان (بن عيينة كان يسأل) بالبناء للمفعول (عن هذا كثيرًا فلم) أي أفلم (تسمعه منه؟ قال: لا) صريح في أن أحمد بن حنبل لم يسمع هذا الحديث من ابن عيينة.