بضم الموحدة (عن أنس بن مالك ﵁) أنه قال (قال النبي ﷺ) يخاطب الصحابة والمراد هم ومن بعدهم من المسلمين عمومًا:
(لا يتمنين أحدكم الموت من ضر) مرض أو غيره (أصابه) وفي رواية أبي هريرة: لا يتمنى بياء ثابتة خطأ في كتب الحديث فلعله نهي ورد على صيغة الخبر والمراد منه لا يتمنّ فأُجرِيَ مجرى الصحيح، وقال البيضاوي: هو نهي أخرج في صورة النفي للتأكيد، انتهى.
قال في شرح المشكاة: وهذا أولى لقوله تعالى: ﴿الزاني لا ينكح إلا زانية﴾ [النور: ٣] قال في الكشاف عن عمرو بن عبيد: لا ينكح بالجزم على النهي والمرفوع أيضًا فيه معنى النهي، ولكن أبلغ وآكد كما أن رحمك الله ويرحمك الله أبلغ من ليرحمك الله. قال الطيبي: وإنما كان أبلغ لأنه قدّر أن المنهي حين ورود النهي عليه انتهى عن المنهي عنه وهو يخبر عن انتهائه، ولو ترك على النهي المحض ما كان أبلغ كأنه يقول لا ينبغي للمؤمن المتزوّد للآخرة والساعي في ازدياد ما يثاب عليه من العمل الصالح أن يتمنى ما يمنعه عن السلوك بطريق الله وعليه قوله: خياركم مَن طال عمره وحسن عمله لأن من شأنه الازدياد والترقي من حال إلى حال ومن مقام إلى مقام حتى ينتهي إلى مقام القرب كيف يطلب القطع عن محبوبه انتهى.
ولابن حبان: لا يتمنى أحدكم الموت لضرٍّ نزل به في الدنيا الحديث فلو كان الضرر للأخرى بأن خشي فتنة في دينه لم يدخل في النهي وقد قال عمر بن الخطاب كما في الموطأ: اللهم كبرت سني وضعفت قوّتي وانتشرت رعيتي فاقبضني إليك غير مفتون.
(فإن كان) المريض (لا بدّ فاعلاً) ما ذكر من تمني الموت (فليقل: اللهم أحيني) بهمزة قطع (ما كانت الحياة خيرًا لي وتوفني إذا) ولأبي ذر عن الكشميهني ما (كانت الوفاة خيرًا لي) وهذا نوع تفويض وتسليم للقضاء بخلاف الأوّل المطلق فإن فيه نوع اعتراض ومراغمة للقدر المحتوم والأمر في قوله فليقل لمطلق الإذن لا للوجوب أو الاستحباب لأن الأمر بعد الحظر لا يبقى على حقيقته.