(و) يكفيه فضلاً (قول الله تعالى ﴿فيه﴾) أي في العسل (﴿شفاء للناس﴾)[النحل: ٦٩] من أدواء تعرض لهم، قيل ولو قال فيه الشفاء للناس لكان دواء لكل داء لكنه قال: فيه شفاء للناس أي يصلح لكل أحد من أدواء باردة فإنه حار والشيء يداوى بضده، وقول مجاهد بن جبر فيه أي في القرآن قول صحيح في نفسه، لكن ليس هو الظاهر من سياق الآية لأنها إنما ذكر فيها العسل ولم يتابع مجاهد على قوله هذا وقال الحافظ ابن كثير وروينا عن علي بن أبي طالب أنه قال: إذا أراد أحدكم الشفاء فليكتب آية من كتاب الله في صحفة وليغسلها بماء السماء وليأخذ من امرأته درهمًا عن طيب نفس منها فليشتر به عسلاً فليشربه لذلك فإنه شفاء، رواه ابن أبي حاتم في تفسيره بسند حسن بلفظ إذا اشتكى أحدكم فليستوهب من امرأته من صداقها فليشتر به عسلاً ثم يأخذ ماء السماء، يجمع هنيئًا مريئًا شفاءً مباركًا.
وبه قال (حدّثنا عليّ بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة قال: (أخبرني) بالإفراد ولأبي ذر بالجمع (هشام عن أبيه) عروة بن الزبير (عن عائشة ﵂) أنها (قالت: كان النبي ﷺ يعجبه الحلواء) بالمد (والعسل) وقد دخل في قولها الحلواء العسل وإنما ثنت به على انفراده لشرفه كقوله تعالى: ﴿وملائكته ورسله وجبريل وميكال﴾ [البقرة: ٩٨] فما خلق الله تعالى لنا في معناه أفضل منه ولا مثله ولا قريبًا منه لأنه غذاء من الأغذية وشراب من الأشربة ودواء من الأدوية وحلو من الحلوى وطلاء من الأطلية ومفرح من المفرحات.
فإن قلت: ما مناسبة الحديث للترجمة؟ أجيب: بأن الإعجاب أعم من أن يكون على سبيل الدواء والغذاء فتؤخذ المناسبة بذلك.
وبه قال:(حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكن قال (حدّثنا عبد الرحمن بن الغسيل) حنظلة بن أبي عامر الأويسي الأنصاري (عن عاصم بن عمر بن قتادة) بضم العين التابعي الصغير أنه (قال: سمعت جابر بن عبد الله ﵄ قال: سمعت النبي ﷺ يقول):
(إن كان في شيء من أدويتكم أو يكون في شيء من أدويتكم خير ففي شرطة محجم)