واستنبط من هذا الحديث اشتراط استقبال عين الكعبة لصلاة القادر عليه، فلا تصح الصلاة بدونه إجماعًا بخلاف العاجز عنه كمريض لا يجد من يوجهه إلى القبلة ومربوط على خشبة فيصلّي على حاله ويعيد، ويعتبر الاستقبال بالصدر لا بالوجه أيضًا لأن الالتفات به لا يبطل. نعم لا يشترط الاستقبال في شدة الخوف ونفل السفر والفرض استقبال عين الكعبة يقينًا لمن بمكة وظنًّا لمن هو غائب عنها، فلا يكفي إصابة الجهة لحديث الصحيحين أنه ﷺ ركع ركعتين قبل الكعبة وقال: هذه القبلة، وقبل بضم القاف والباء ويجوز إسكانها ومعناه مقابلها أو ما استقبلك منها وعند عامة الحنفية فرض الغائب عن مكة استقبال جهة الكعبة لا عينها.
ورواة هذا الحديث الخمسة بصريون، وفيه التحديث والعنعنة، وأخرجه النسائي.
وبه قال:(حدّثنا) ولأبوي ذر والوقت: وحدّثنا بالواو (نعيم) هو ابن حماد الخزاعي (قال: حدّثنا ابن المبارك) عبد الله فهو موصول، ولأبوي ذر والوقت: حدّثنا نعيم، قال ابن المبارك: وفي رواية حماد بن شاكر عن المؤلّف. قال نعيم بن حماد: فيكون المؤلّف علقه عنه، وللأصيلي وكريمة وقال ابن المبارك: فيكون المؤلّف علقه عنه، ولابن عساكر قال محمد بن إسماعيل، وقال ابن المبارك: وقد وصله الدارقطني من طريق نعيم عن ابن المبارك (عن حميد الطويل عن أنس بن مالك)﵁(قال):
(قال رسول الله ﷺ أُمرت) بضم الهمزة وكسر الميم أي أمرني الله (أن) أي بأن (أقاتل الناس)
أى بقتل المشركين (حتى يقولوا لا الله إلاّ الله) أي مع محمد رسول الله، واكتفى بالأولى لاستلزامها الثانية عند التحقيق أو أنها شعار للمجموع كما في قرأت الحمد أي كل السورة (فإذا قالوها) أي كلمة الإخلاص وحقّقوا معناها بموافقة الفعل لها (وصلّوا صلاتنا) أي بالركوع (واستقبلوا قبلتنا) التي هدانا الله لها (وذبحوا ذبيحتنا) أي ذبحوا المذبوح مثل مذبوحنا فعيل بمعنى المفعول لكنه استشكل دخول التاء فيه، لأنه إذا كان بمعنى المفعول يستوي فيه المذكّر والمؤنث فلا تدخله التاء، وأُجيب بأنه لا زال عنه معنى الوصفية وغلبت عليه الاسمية دخلت التاء وإنما يستوي الأمران فيه عند ذكر الموصوف، (فقد حرمت) بفتح الحاء وضمّ الراء كما في الفرع، وجوّز البرماوي كغيره ضم الأول وتشديد الثاني، لكن قال الحافظ ابن حجر: ولم أرَ في شيء من الروايات تشديد الراء (علينا دماؤهم وأموالهم إلاّ بحقها) أي إلا بحق الدماء والأموال وفي حديث ابن عمر: فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام (وحسابهم على الله) هو على سبيل التشبيه أيّ هو