للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تَسْعَى﴾ وَقَوْلِهِ: ﴿وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِى الْعُقَدِ﴾. وَ ﴿النَّفَّاثَاتُ﴾: السَّوَاحِرُ، ﴿تُسْحَرُونَ﴾: تُعَمَّوْنَ.

(باب السحر) بكسر السين وسكون الحاء المهملتين وهو أمر خارق للعادة صادر عن نفس شريرة لا تتعذر معارضته واختلف هل له حقيقة أم لا. والصحيح وهو الذي عليه الجمهور أن له حقيقة، وعلى هذا فهل له تأثير فقط بحيث يغير المزاج فيكون نوعًا من الأمراض أو ينتهي إلى الإحالة بحيث يصير الجماد حيوانًا مثلاً وعكسه، فالذي عليه الجمهور وهو الأول وفرقوا بين المعجزة والكرامة والسحر بأن السحر يكون بمعاناة أحوال وأفعال حتى يتم للساحر ما يريد والكرامة لا تحتاج إلى ذلك بل إنما تقع غالبًا اتفاقًا، وأما المعجزة فتمتاز عن الكرامة بالتحدي، وقال القرطبي: الحق أن لبعض أصناف السحر تأثيرًا في القلوب كالحب والبغض وإلقاء الخير والشر وفي الأبدان بالألم والسقم وإنما المنكر أن الجماد ينقلب حيوانًا أو عكسه بسحر الساحر.

(وقوله تعالى): بالجر عطفًا على المجرور السابق (﴿ولكن الشياطين كفروا﴾) باستعمال السحر وتدوينه (﴿يعلمون الناس السحر﴾) أي كفروا معلمين الناس السحر قاصدين به إغوائهم وإضلالهم والواو في ولكن عاطفة جملة الاستدراك على ما قبلها (﴿وما أنزل على الملكين﴾) ما موصول بمعنى الذي في موضع نصب عطفًا على السحر أي يعلمون الناس السحر والمنزل على الملكين أو عطفًا على ما تتلو الشياطين أي واتبعوا ما تتلو الشياطين وما أنزل على الملكين وعلى هذا فما بينهما اعتراض أو ما نفي والجملة معطوفة على الجملة النفية قبلها وهي ما كفر سليمان أي وما أنزل على الملكين إباحة السحر. قال القرطبي: ما نفي والواو للعطف على قوله تعالى: وما كفر والتقدير وما أنزل على الملكين ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر (﴿ببابل﴾) اسم أرض وهي بابل العراق وسميت بذلك لتبلبل الألسن بها عند سقوط صرح نمروذ وقيل إن الله تعالى أمر ريحًا يحشرهم بهذه الأرض فلم يدر أحدهم ما يقول الآخر ثم فرقهم الريح في البلاد فتكلم كل أحد بلغته وهو متعلق بأنزل والباء بمعنى في أي في بابل ويجوز أن يكون في محل نصب على الحال من الملكين أو من الضمير في أنزل فيتعلق بمحذوف (﴿هاروت وماروت﴾) بدل من الملكين وجرّا بالفتحة لأنهما لا ينصرفان للعجمة والعلمية أو عطف بيان (﴿وما يعلمان﴾) هاروت وماروت (﴿من أحد﴾) الظاهر أنه الملازم للنفي وهمزته أصل بنفسها وأجاز أبو البقاء أن يكون بمعنى واحد فتكون همزته بدلاً من واو (﴿حتى يقولا﴾) حتى ينبهاه وينصحاه يقولا له (﴿وإنما نحن فتنة فلا تكفر﴾) أي ابتلاء واختيار من الله تعالى ليتميز المطيع من العاصي كقولك: فتنت الذهب بالنار إذا عرضته عليها ليتميز الخالص من المشوب (﴿فيتعلمون﴾) عطف على وما يعلمان والضمير في فيتعلمون لما دل عليه من أحد أي فيتعلم الناس (﴿منهما﴾) من الملكين (﴿ما﴾) أي الذي (﴿يفرقون بين المرء وزوجه﴾) وهو علم السحر الذي يكون سببًا في التفريق بين الزوجين بأن يحدث الله عنده النشوز والخلاف ابتلاء منه وللسحر حقيقة عند أهل السُّنَّة وعند

<<  <  ج: ص:  >  >>