ركعتين) عند مقام إبراهيم، وبذلك تحصل المطابقة لترجمة أو جهة الباب عمومًا، وقد أجمع أهل الحديث على الأخذ برواية بلال لأنه مثبت ومعه زيادة علم، فوجب ترجيح روايته على النافي كأسامة، وسبب نفيه اشتغاله بالدعاء في ناحية من نواحي البيت غير التي كان فيها الرسول مع غلق الباب وكان بلال قريبًا منه ﵊، فخفي على أسامة (لبعده واشتغاله ما شاهده بلال لقربه وجاز له النفي عملاً بالظن، أو أنه عليه الصلاة دخل البيت مرتين مرة صلّى ومرة دعا ولم يصلّ.
ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين بصري ومكّي، وفيه التحديث والعنعنة، وأخرجه أيضًا في الحج والصلاة والجهاد ومسلم في الحج وكذا أبو داود والنسائي وابن ماجة.
وبه قال: (حدّثنا إسحاق بن نصر) نسبة إلى جدّه لشهرته به وإلاّ فأبوه إبراهيم السعدي (قال: حدّثنا عبد الرزّاق) بن همام (قال: أخبرنا) وللأصيلي وأبي الوقت حدّثنا (ابن جريح) نسبة إلى جدّه لشهرته به واسمه عبد الملك بن عبد العزيز (عن عطاء) هو ابن أبي رباح (قال: سمعت ابن عباس)﵄(قال):
(لما دخل النبي ﷺ البيت دعا في نواحيه كلها) جمع ناحية وهي الجهة (ولم يصل) فيه (حتى
خرج منه) ورواية بلال المثبت أرجح من نفي ابن عباس هذا، لا سيما أن ابن عباس لم يدخل، وحينئذٍ فيكون مرسلاً لأنه أسنده عن غيره ممن دخل مع النبي-ﷺ-الكعبة فهو مرسل صحابيّ، (فلما خرج)﵊ منه (ركع) أي صلّى (ركعتين) فأطلق الجزء وأراد به الكل (في قبل الكعبة) وما استقبله منها وهو وجهها بضم القاف والموحدة وقد تسكن (وقال)﵊(هذه) أي الكعبة هي (القبلة) التي استقر الأمر على استقبالها فلا تنسخ كما نسخ بيت المقدس أو علمهم بذلك سنة موقف الإمام في وجهها دون أركانها وجوانبها الثلاثة، وإن كان الكل جائزًا أو أن من حكم من شاهد البيت وجوب مواجهة عينه جزمًا بخلاف الغائب أو أن الذي أمرتم باستقباله ليس هو الحرم كله ولا مكة ولا المسجد حول الكعبة بل الكعبة نفسها.
ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين مدني وصنعاني ومكّي، وفيه التحديث والإخبار والعنعنة والسماع، وأخرجه مسلم في المناسك والنسائي.