وبه قال:(حدّثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي قال: (حدّثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه) أبي حازم بالحاء المهملة والزاي سلمة بن دينار الأعرج القاصّ الزاهد (أنه سمع سهلاً) هو ابن عبد الله الأنصاري (يقول: جاءت امرأة) قيل هي خولة بنت حكيم وقيل أم شريك (إلى النبي ﷺ فقالت): يا رسول الله (جئت أهب نفسي) لك أي أكون لك زوجة بلا مهر (فقامت) قيامًا أو زمنًا (طويلاً) فالموصوف محذوف وهو المفعول المطلق أو المفعول فيه (فنظر) إليها ﷺ(وصوّب) أي خفض رأسه (فلما طال مقامها) بضم الميم في الفرع وقال العيني بفتحها أي قيامها (فقال رجل): لم يسم يا رسول الله (زوّجنيها) ولم يقل هبنيها لأن من خصائص النبي ﷺ-انعقاد نكاحه من غير صداق حالاً ولا مآلاً لا بدخول ولا بموت وليس المراد حقيقة الهبة إذ الحر لا يملك نفسه وليس له فيها تصرف ببيع ولا هبة ولكونه من الخصائص عدل عن لفظة الهبة إلى قوله زوّجنيها (إن لم يكن لك بها حاجة) أي إذا لم لأنه لا يظن بالصحابي أن يسأل في مثل هذا إلا بعد أن يكون علم بقرينة الحال أنه لا حاجة له ﷺ بها (قال)ﷺ:
(عندك شيء تصدقها) بسكون الصاد المهملة أي تمهرها (قال: لا). شيء عندي (قال)﵊ له: (انظر) شيئًا تصدقها إياه (فذهب) الرجل (ثم رجع فقال: والله) يا رسول الله (إن) أي ما (وجدت شيئًا. قال)﵊: (اذهب فالتمس) أي اطلب وحصل (ولو) كان الملتمس (خاتمًا من حديد) فاصدقها إياه أو فإنه حسن أو جائز بحذف كان واسمها وجواب لو أيضًا قيل، وفي ذكر الحديد دلالة على جواز التختم به وتعقب بأنه لا يلزم من جواز الاتخاذ جواز اللبس، فيحتمل أنه أراد وجوده لتنتفع المرأة بقيمته (فذهب ثم رجع قال: لا والله ولا خاتمًا من حديد) قال الزركشي: بنصب خاتمًا عطفًا على قوله التمس ولو خاتمًا أي ما وجدت شيئًا ولا خاتمًا، وتعقبه البدر الدماميني فقال: هذا كلام عجيب لا يحتاج رده إلى إيضاح وإنما خاتمًا معطوف على منصوب مقدر أي ما وجدت غير خاتم ولا خاتمًا (وعليه إزار ما عليه رداء فقال) يا رسول الله (أصدقها). بضم الهمزة والقاف بينهما صاد ساكنة فدال مكسورة (إزاري فقال النبي ﷺ: إزارك) رفع على الابتداء وخبره جملة قوله (إن لبسته) أي المرأة (لم يكن عليك منه شيء