المحلوب (فقمت عند رؤوسهما أكره أن أوقظهما) بضم الهمزة (من نومهما وأكره أن أبدأ بالصبية) في السقي (قبلهما والصبية يتضاغون) بالضاد والغين المعجمتين المفتوحتين بينهما ألف وبعد الواو الساكنة نون يضجون ويصيحون من الجوع (عند قدمي) بلفظ التثنية، ولعل كان في شريعتهم تقديم نفقة الأصول على الفروع (فلم يزل ذلك دأبي ودأبهم) أي دأب الوالدين والصبية (حتى طلع الفجر فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج) بضم الراء (لنا) في هذه الصخرة (فرجة) بضم الفاء وسكون الراء (نرى منها السماء ففرج الله)﷿ بتخفيف الراء من ففرج الله (لهم فرجة حتى يرون منها السماء) بإثبات النون لأبي ذر عن الحموي والمستملي وبحذفها له عن الكشميهني وسقط للأصيلى لفظ فرجة.
(وقال الثاني: اللهم إنه كانت لي ابنة عم) ولأبي ذر بنت عم (أحبها) بضم الهمزة وكسر الحاء المهملة (كأشد ما يحب الرجال النساء) ولأبي ذر عن الكشميهني: الرجل بالإفراد وأشد صفة مصدر محذوف وما مصدرية أي أحبها حبًّا مثل أشد حب الرجال النساء (فطلبت إليها نفسها) قال في النهاية: يقال طلب إليّ فلان فأطلبته أي أسعفته بما طلب والطلبة الحاجة والاطلاب إنجازها، وقال في شرح المشكاة: يجوز أن يضمن فيه معنى الإرسال أي أرسلت إليها طالبًا نفسها (فأبت) أي فامتنعت (حتى آتيها بمائة دينار فسعيت حتى جمعت مائة دينار فلقيتها بها) بكسر القاف أي فلقيت ابنة عمي بالمائة دينار (فلما قعدت بين رجليها قالت: يا عبد الله اتق الله ولا تفتح الخاتم) كناية عن البكارة (إلاّ بحقه فقمت عنها) وهي أحب الناس إليّ (اللهم فإن) قال في شرح المشكاة: عطف على مقدر أي اللهم فعلت ذلك فإن (كنت تعلم أني قد فعلت ذلك ابتغاء وجهك) وسقط قد للأصيلي وأبي ذر (فافرج لنا منها) من الصخرة فرجة (ففرج) الله (لهم فرجة). ويجوز أن تكون اللهم مقحمة بين المعطوف والمعطوف عليه لتأكيد الابتهال والتضرع إلى الله تعالى فلا يقدّر معطوف عليه، ويدل عليه القرينة السابقة واللاحقة، وإنما كرر اللهم في هذه القرينة دون أختيها لأن هذا المقام أصعب المقامات وأشقها فإنه ردع لهوى النفس خوفًا من الله تعالى ومقامه قال تعالى: ﴿وأما من خاف مقام ربهِ ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى﴾ [النازعات: ٤٠] قال الشيخ أبو حامد: شهوة الفرج أغلب الشهوات على الإنسان وأعصاها عند الهيجان على العقل، فمن ترك الزنا خوفًا من الله مع القدرة وارتفاع الموانع وتيسر الأسباب لا سيما عند صدق الشهوة نال درجة الصديقين.
(وقال الأخر: اللهم إني كنت استأجرت أجيرًا) واحدًا (بفرق أرز) بفتح الهمزة وضم الراء وتشديد الزاي والفرق بفتح الراء مكيال يسع ستة عشر رطلاً وهي اثنا عشر مدًّا وثلاثة آصع عند أهل الحجاز (فلما قضى عمله قال: أعطني حقي) بقطع الهمزة (فعرضت عليه حقه فتركه ورغب عنه فلم أزل أزرعه حتى جمعت منه بقرًا وراعيها فجاءني فقال: اتق الله ولا تظلمني واعطني حقي) بفتح الهمزة (فقلت: اذهب إلى ذلك البقر) بالتذكير وللأصيلي وأبي ذر إلى تلك البقر اسم جمع يجوز تذكيره وتأنيثه (وراعيها فقال: اتق الله ولا تهزأ بي) بهمزة ساكنة مجزومًا على النهي (فقلت: إني لا أهزأ بك