محمول على مجرد القصد فهو كناية عن التوفر على النكاية ثم استعيرت هذه العبارة للخالق ﷻ وعز شأنه لذلك المعنى، وإليه الإشارة بقوله تعالى: ﴿سنفرغ لكم﴾ [الرحمن: ٣١] مستعار من قول الرجل لمن يتهدد سأفرغ لك، والوجه الآخر منزل على الفراغ من الشغل لكن على سبيل التمثيل شبه تدبيره تعالى أمر الآخرة من الأخذ في الجزاء وإيصال الثواب والعقاب إلى المكلفين بعد تدبيره تعالى لأمر الدنيا بالأمر والنهي والإماتة والإحياء والمنع والعطاء، وأنه ﷾ لا يشغله شأن عن شأن بحال من إذا كان في شغل يشغله عن شغل آخر إذا فرغ من ذلك الشغل شرع في آخر، وقد ألّم به صاحب المفتاح حيث قال: الفراغ الخلاص من المهامّ، والله تعالى لا يشغله شأن عن شأن وقع مستعارًا للأخذ في الجزاء وحده وهو المراد من قوله وفع ذلك فراغًا إلى طريق المثل.
(قالت الرحم) بلسان الحال أو بلسان المقال وعلى الثاني هل يخلق الله فيها حياة وعقلاً، وحمله القاضي عياض على المجاز وأنه من ضرب المثل، لكن في حديث عبد الله بن عمر وعند أحمد أنها تكلمت بلسان طلق ذلق، وزاد في سورة القتال: قامت الرحم فأخذت بحقو الرحمن وهو استعارة أيضًا سبق ذكرها في السورة المذكورة، وزاد أيضًا في السورة فقال: مه. فقالت (هذا مقام العائذ) أي قيامي هذا قيام المستجير (بك من القطيعة قال) الله تعالى (نعم أما) بتخفيف الميم (ترضين أن أصل من وصلك) بأن أتعطف عليه وأرحمه (وأقطع من قطعك) فلا أرحمه (قالت: بلى يا رب) رضيت ولأبي ذر بلى وربي (قال) تعالى (فهو) أي قوله أصل من وصلك إلى آخره (لك) بكسر الكاف. قال أبو هريرة:(قال رسول الله ﷺ: فاقرأوا إن شئتم ﴿فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم﴾)[محمد: ٢٢].
وبه قال:(حدّثنا خالد بن مخلد) بفتح الميم واللام بينهما خاء معجمة ساكنة آخره دال مهملة أبو الهيثم البجلي الكوفي القطواني بفتح القاف والطاء المهملة قال: (حدّثنا سليمان) بن بلال أبو محمد مولى الصديق قال: (حدّثنا عبد الله بن دينار) المدني (عن أبي صالح) ذكوان السمان (عن أبي هريرة ﵁ عن النبي ﷺ) أنه (قال):
(إن الرحم شجنة من الرحمن) بكسر الشين المعجمة مصححًا عليها في الفرع وسكون الجيم بعدها نون ويجوز فتح الأول وضمه. قال في الفتح: رواية ولغة وأصله عروق الشجر المشتبكة والشجن بالتحريك واحد الشجون وهي طرق الأودية، ويقال الحديث شجون أي يدخل بعضه في